للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصلى بنا رسول الله الظهر. فقالوا: لقد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، ثم قالوا: يأتي عليهم صلاة هي أَحب إليهم من أبنائهم وأَنفسهم، قال: فنزل جبريل بهذه الآية بين الظهر والعصر: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ (١).

ومعنى ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾: وإِذا أردت أن تصلِّيَ بهم إِماما، فلتصل طائفة منهم معك، بعد أن تجعلهم طائفتين، ولتقف الطائفة الأخرى تُجاه العدو لمراقبته وحراسة المسلمين منه. ﴿وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ﴾: أي ولتأخذ الطائفة التي تصلي معك أسلحتهم، ليتقوا بها العدو عند المفاجأة، ﴿فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ﴾: أي فإِذا فرغت الطائفة التي تصلي معك من سجود الركعة الأُولى، فلينصرفوا للحراسة خلفكم.

﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾:

أي: ولتأت الطائفة الأخرى التي كانت في مواجهة العدو للحراسة والمراقبة، والتي لم تُصلّ بعد، فليصلوا معك الركعة الثانية، وهي الأولى لهم.

﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾:

أي: يجب أن يكونوا دائما متيقظين لمخادعات العدو، وليأخذوا أَسلحتهم معهم ليتقوه بها إن بادءُوهم؛ لأن الأعداءَ يتمنون أن ينالوا منكم غرة في صلاتكم، فيحملوا عليكم حملة واحدة: منتهزين فرصة انشغالهم بالصلاة. كما قال تعالى:

﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾: والأمتعة ما يتمتع به المحارب من لوازمه في السفر.

والأمر هنا: للوجوب، لقوله تعالى بعده:

﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ﴾:


(١) رواه أحمد، وأصحاب السنن، واللفظ لأحمد.