﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾: أي يستبقون بناتكم- يا بني إسرائيل- أحياءَ لخدمتهم.
﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾: الإثارة راجعة إلى العذبيح والاستحياء، أو إلى الانجاءِ أو إلى الجميع، فإن البلاء: الاختبار. وهو يكون بالضار لبصبروا، وبالسار ليشكررا، وبهما جمبعا ليشكروا على السار وبصبروا عل الضار.
ولا نخلو اختباراته تعالى وبلاؤُه. لعباد. من حِكَم. ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾: أي من مالك أموركم. الذي يبلوكم بالشر والخير فتنة وامتحانا؛ ليثيب من شَكر على السراء. ويحرم الثواب من لم يصبر على الضراء.
والإشارة إلى المخاطبين في عهد محمد- ﷺ لأن ما أصاب آباءهم،
فكأنما أصابهم، ﴿عَظِيمٌ﴾: صفة، وتنكير ﴿بَلَاءٌ عَظِيمٌ﴾: للتفخيم.
٥٠ - ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ … ﴾ الآية.
هذ. نعمة أخرى غير ما تقدم ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾: فَصَدنا بين مياهه، حتى صارت فيه مسالك لكم. والباءُ في ﴿بِكُمْ﴾ بمعنى اللام، أي فرقنا لأجلكم البحر لكي ننجبكم من فرعون وقومه، وتلك نعمة كبرى، تقتضى منهم مزيد الشكر عليها؛ بالإيمانْ والعمل الصالح.
وقيل: الباء للملابسة أي فرقنا البحر حال كونه ملتبسا بكم.
والبحر كما قيل: هو بحر القلزم، ويطلق على الذى ماؤُه ملح والذي ماؤه عذب، ومنه قوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾ (١).
﴿فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ﴾ في الكلام مُقَدرٌ: يدل عليه ما عرف من القصة
في نواحى القرآن. وحذف ما يعلم جائز وبليغ. والتقدير: واذ فرقنا بكم البحر وتبعكم
فرعون وجنوده، فأنجيناكم من الغرق، ومن إدراك فرعون وآله لكم، ومما تكرهون،
إذ أخرجناكم منه سالمين، وأغرقنا أعداءكم: فرعون وآ له- من القواد والجنود الذين تبعوكم
﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾: أي تنظرون جميع ما مر، وفي ذلك تقرير ﴿للنعمة﴾ عليهم، والخطاب لمعاصري النبي ﷺ باعتبارأنهم أبناءُ مَنْ صنع الله بهم هذ. النعمة الكبرى.
(١) الرحمن الآية:١٩