في الدنيا والآخرة. فلن يُغْلَب المؤمنون الصادقون في الدنيا غلبة حقيقية. وإذا وقعت لهم هزيمة - في بعض الأوقات - فهي للابتلاء والاختبار. وغالبا ما تكون نتيجةَ انحراف عن سلوك الطريق المستقيم. إذ ليس بين المؤمنين وبين النصر على أعدائهم إِلا أن يعودوا إلى الله، ويستكملوا حقيقة الإيمان: بالانقياد لكتاب الله والتمسك بشريعته … ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ … ﴾ (١).
هذه صفة ثانية من صفات المنافقين وسماتهم. ومعنى ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾: أنهم يفعلون مع الله فعل المخادع، فيظهرون الإيمان للرسول ﷺ والمؤمنين، ولكنهم يضمرون الكفر.
﴿وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾: وهو يعاملهم بما يناسب خداعم، فيتركهم في خداع الدنيا لغرورهم بها، وحرصهم على بريقها وزخرفها، ولكنه يُعِدُّ لهم في الدار الآخرة، الدرك الأسفلَ من النار.
هذه صفة ثالثة من صفاتهم، وهي إِذا قاموا إِلى الصلاة قاموا متباطئين متثاقلين، لا نشاط عندهم، ولا رغبة لهم في أَدائها؛ لأنهم لا يعتقدون ثوابا على فعلها، ولا عقابا على تركها. وما قيامهم للصلاة مع المصلين، إلا مظهرٌ من مظاهر خداعهم، بدليل قوله تعالى بعد ذلك:
﴿يُرَاءُونَ النَّاسَ﴾:
أي: يراءُون الناس بقيامهم مع المسلمين في الصلاة، ليحسبهم المؤمنون من فريقهم وأنصارهم، وهم لا يقصدون إلا أَن يرى المسلمون أنهم معهم، بل منهم. إمعانا في الخداع!!
﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾:
أي: ولا يذكرونه - سبحانه - إلا زمانا قليلًا، أو ذكرًا قليلًا؛ لأن المنافق لا يفعل ذلك إلا بحضور من يرائيه فحسب. وهذا أقل أَحواله، أو يراد بالقلة: العدم؛ لأن ذكرهم غير