ويجوز أَن تكون المفاعلة على غير بابها، فتكون المواعدة بمعنى الوعد من جانب واحد، وذلك مأْلوف في كلام العرب مثل: عاقبت اللص وشاهدت الحديقة، فتكون. المواعدة من الله خاصة لموسى، إذ هي بمعنى: وعدنا موسى.
وتدل له قراءة أبى عمرو ﴿وَاعَدْنَا﴾.
ويجوز أن يكون واعدنا بمعنى: وافينا، أي: وافيناه بالتوراة بعد أربعين ليلة. وموسى: اسم أعجمى لكليم الله، الذي بعثه لبنى إِسرائيل، وهو منهم.
وتعبير الله عن ميقاته بقوله: ﴿أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ إما لأن افتتاح الميقات كان من الليل، أو لأن الأشهر القمرية تربئ بالهلال، والهلال يرى ليلًا. وأكثر توقيتات القرآن بالليل.
﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾: أي صنعتموه من ذهب على شكل العجل، أَو جعلتموه إلها.
وعلى المعنى الأول: يتعدى إلى مفعول واحد وهوْ العجل.
وعلى الثاني: يتعدى إلى مفعولين والثاني محذوف تقديره "إلها" وهو المقصود.
فكلهم عبدوه-، إلا هارون وقلة معه، أو إلا هارون والسبعين الذين كانوا مع موسى ﵇ في ميقات ريه. والعرب. تذم أو تمدح القبيلة بما صدر عن بعضها. والعجل: ولد البقرة الصغير. وقد رأى السامري- عند بني إسرائيل- رغبة جامعة، في عبادة العجل، كما كانوا يفعلون بمصر في عهل الفراعنة، إذ كانوا يعبدون معهم العجل (أبيس) فانخذ من الْحُليِّ تمثالا على صورة العجل، وجسمه ووضعه في مستقبل الريح، فإذا دخلته أحدثث صوتا كخوار العجل، فعبدوه الهذا.
وفى الآية تسرية عن النبي ﷺ لماكان يشاهد من جحودهم؛ لنبوته وللكتاب الذي أنزل عليه، وإيذان بان عليه أن يصبر كما صبر موسى في هذه الواقعة، فإن بني إسرائيل- بعد أَن خلصهم الله من فرعون، وأراهم المعجزات العجيبة من أول ظهور موسى إلى ذلك الوقت- اغتروا بتك الشبهة الواهنة التي لا تقتضى أُلوهية العجل، فعبدوه. ثم إن موسى- إذاكان قد صبر على ذلك- فلأن يصبز محمد- صلى. الله عليه وسم- على أَذى قومه أولى؛ لأنه سيد أولي العزم.