للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه بقية أَوصاف المؤْمنين من علماء أَهل الكتاب. وُصِفُوا - أَولاً - بكونهم راسخين في علم الكتاب، ثابتين فيه: لا يعترضهم شك، ولا تُزَلْزِلُهُم شبهة، ولا يصرفهم عن الحق جهل أَو عناد.

ووصفوا - ثانيا - بأَنهم يؤْمنون بما أُنزل إليك من القرآن، وما أُنزِل إِلى المرسلين قبلك من سائر الكتب، فإن رسوخهم في العلم، يدعوهم إلى ذلك، وإلى ما يليه من الصفات المحمودة بخلاف بني قومهم الذين كانوا كريشة في جو الضلال: تقلِّبهم الشكوك والأَوهام كيف مَرت بهم.

ثم وصفوا؛ بأَنهم يقيمون الصلاة، ويؤَدونها حق أَدائها في أَوقاتها، بسبب عمق إيمانهم.

ثم وصفوا؛ بأَنهم يعطون الزكاة لمستحقيها؛ لرقة قلوبهم، وصفاءِ نفوسهم.

ثم وصفوا بأَنهم يؤْمنون بالله الذي هو مبديء الكائنات ومعيدها، ويؤْمنون باليوم الآخر. الذي يُبعثون فيه، ويعادون للحساب والجزاءِ.

وبهذا، حققوا الإِيمان بطرفيه، الإِيمان بالمبدإِ، والإِيمان بالميعاد.

وفي وصفهم بالإِيمان بالله واليوم الآخر، تعريض بأَن مَن عداهم من أهل الكتاب، ليسوا مؤمنين بهما حقيقة، لأَنهم مزجوا الإِيمان بالله بالتجسيد، وادّعَوْا أَن النار لن تمسَّهم إِلا أَياما معدودة.

وبعض فرقهم ينكرون البعث بعد الموت، وهم فرقة الصدوقيين.

﴿أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾:

أَي: أُولئك العلماء الراسخون في العلم من أَهل الكتاب، الذين حفزهم رسوخهم في العلم على الإيمان بما أُنزل إِليك، وما أُنزل إِلى سائر المرسلين، وحفزهم أَيضا على إِقامة


= وهذا الأسلوب ليس بغريب علي القرآن الكريم، فقد قال تعالى: (والموفون بعهدم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا) الآية (١٧٧) من سورة البقرة.
فإيثار نصب (المقيمين) لإبراز اجتهادهم في إقامة الصلاة، واعتنائهم بها؛ ليتنبه القاريء والسامع إلى فضلهم وفضل إقامة الصلاة. ولهذا يصح الوقف قبلها وبعدها.