للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٩-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من يأخذ عنّي هؤلاء الكلمات فيعمل بهنّ- أو يعلّم من يعمل بهنّ؟» فقال أبو هريرة: قلت: أنا يا رسول الله. فأخذ بيدي فعدّ خمسا، وقال: «اتّق المحارم تكن أعبد النّاس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى النّاس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضّحك؛ فإنّ كثرة الضّحك تميت القلب» ) * «١» .

٣٠-* (عن العرباض بن سارية- رضي الله عنه- قال: «وعظنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إنّ هذه موعظة مودّع، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟. قال: «أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطّاعة وإن عبد حبشيّ؛ فإنّه من يعش منكم يرى «٢» اختلافا كثيرا، وإيّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنّها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين عضّوا عليها بالنّواجذ» ) * «٣» .

٣١-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «بينما ثلاثة نفر يتمشّون أخذهم المطر. فأووا إلى غار في جبل.

فانحطّت على فم غارهم صخرة من الجبل. فانطبقت عليهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها لعلّ الله يفرجها عنكم. فقال أحدهم: اللهم إنّه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم «٤» ، حلبت، فبدأت بوالديّ فسقيتهما قبل بنيّ، وأنّه نأى بي ذات يوم الشّجر «٥» ، فلم آت حتّى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رءوسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصّبية قبلهما، والصّبية يتضاغون «٦» عند قدميّ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم «٧» حتّى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجة، نرى منها السّماء، ففرج الله منها فرجة، فرأوا منها السّماء. وقال الآخر: اللهّمّ إنّه كانت لي ابنة عمّ أحببتها كأشدّ ما يحبّ الرّجال النّساء، وطلبت إليها نفسها. فأبت حتّى آتيها بمائة دينار. فتعبت حتّى جمعت مائة دينار، فجئتها بها، فلمّا وقعت بين


(١) أحمد في المسند (٢/ ٣١٠) . والترمذي (٢٣٠٥) وحسنه الألباني، صحيح الترمذي (١٨٧٦) . وابن ماجة (٤٢١٧) . وقال محقق جامع الأصول (١١/ ٦٨٧) : حديث حسن.
(٢) هكذا النص في الترمذي، وقد رويت في سنن أبي داود [فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى ... ] ورواية ابن ماجة: [من يعش منكم فسيرى ... ] .
(٣) أبو داود (٤٦٠٧) والترمذي (٢٦٧٦) واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجة في المقدمة (٤٢) . وقال محقق «جامع الأصول» ١/ ٢٧٩) : إسناده صحيح.
(٤) فإذا أرحت عليهم: أي إذا رددت الماشية من المرعى إليهم، وإلى موضع مبيتها، وهو مراحها. يقال: أرحت الماشية وروحتها، بمعنى.
(٥) نأى بي ذات يوم الشجر: ومعناه بعد. والنأي البعد.
(٦) يتضاغون: أي يصيحون ويستغيثون من الجوع.
(٧) فلم يزل ذلك دأبي: أي حالي اللازمة.