للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليوم، وقد أحيط بنفسي «١» . سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من شهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله حرّم الله عليه النّار» ) * «٢» .

٢٧-* (عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد قال:

لمّا كان غزوة تبوك أصاب النّاس مجاعة، قالوا: يا رسول الله، لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا «٣» ، فأكلنا وادّهنّا «٤» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «افعلوا» ، قال: فجاء عمر، فقال: يا رسول الله، إن فعلت قلّ الظّهر «٥» ، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، ثمّ ادع الله لهم عليها بالبركة، لعلّ الله أن يجعل في ذلك «٦» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نعم» ، قال: فدعا بنطع فبسطه، ثمّ دعا بفضل أزوادهم. قال: فجعل الرّجل يجيء بكفّ ذرة. قال:

ويجيء الآخر بكفّ تمر. قال: ويجيء الآخر بكسرة حتّى اجتمع على النّطع من ذلك شيء يسير، قال:

فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليه بالبركة، ثمّ قال: «خذوا في أوعيتكم» ، قال: فأخذوا في أوعيتهم، حتّى ما تركوا في العسكر وعاء إلّا ملئوه، قال: فأكلوا حتّى شبعوا وفضلت فضلة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد، غير شاك، فيحجب عن الجنّة» ) *» .

٢٨-* (بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين، وإنّهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله. وإنّ رجلا من المسلمين قصد غفلته، قال: وكنّا نحدّث أنّه أسامة بن زيد، فلمّا رفع عليه السّيف قال: لا إله إلّا الله، فقتله. فجاء البشير إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسأله فأخبره، حتّى أخبره خبر الرّجل كيف صنع، فدعاه فسأله، فقال: «لم قتلته؟» قال: يا رسول الله، أوجع «٨» في المسلمين، وقتل فلانا وفلانا، وسمّى له نفرا، وإنّي حملت عليه، فلمّا رأى السّيف قال: لا إله إلّا الله. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أقتلته؟» قال: نعم. قال:

«فكيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» قال: يا رسول الله، استغفر لي. قال: «وكيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» . قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: «كيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» ) * «٩» .

٢٩-* (عن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سريّة فصبّحنا الحرقات «١٠» من جهينة، فأدركت رجلا، فقال: لا إله إلّا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أقال: لا إله إلّا الله وقتلته؟» قال: قلت: يا رسول الله، إنّما قالها خوفا من السّلاح، قال: «أفلا


(١) أحيط بنفسي: أي قربت من الموت وأيست من النجاة والحياة.
(٢) مسلم (٤٧) .
(٣) النواضح من الإبل: التي يستقي عليها.
(٤) ادّهنا: أي اتخذنا من شحومها دهنا.
(٥) الظهر: الدواب، سميت ظهرا لكونها يركب على ظهرها، أو لكونها يستظهر بها ويستعان على السفر.
(٦) فيه محذوف تقديره: يجعل في ذلك بركة أو خيرا، فحذف المفعول.
(٧) مسلم (٤٥) .
(٨) أوجع في المسلمين: أي أوقع بهم وآلمهم.
(٩) مسلم (١٦٠) .
(١٠) فصبحنا الحرقات: أي أتيناهم صباحا. والحرقات: موضع ببلاد جهينة.