للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد عرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشّجرة» ، لشجرة قريبة، وأنزل الله- عزّ وجلّ-: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ إلى قوله: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ (الأنفال/ ٦٧) من الفداء، ثمّ أحلّ لهم الغنائم، فلمّا كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون، وفرّ أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكسرت رباعيته وهشمت البيضة «١» على رأسه، وسال الدّم على وجهه، وأنزل الله تعالى: أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها الآية (آل عمران/ ١٦٥) ، بأخذكم الفداء» ) * «٢» .

٣٣-* (عن أبي الحوراء السّعديّ، قال: قلت للحسن بن عليّ: ما تذكر من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال:

أذكر أنّي أخذت تمرة من تمر الصّدقة، فألقيتها في فمي، فانتزعها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلعابها فألقاها في التّمر، فقال له رجل: ما عليك لو أكل هذه التّمرة؟ قال: «إنّا لا نأكل الصّدقة» قال: وكان يقول «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنّ الصّدق طمأنينة، وإنّ الكذب ريبة. قال:

وكان يعلّمنا هذا الدّعاء: «اللهمّ اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولّني فيمن تولّيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرّ ما قضيت، إنّه لا يذلّ من واليت» ، وربّما قال «تباركت ربّنا وتعاليت» ) * «٣» .

٣٤-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: ما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الجنّ وما رآهم. انطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ «٤» ، وقد حيل بين الشّياطين وبين خبر السّماء، وأرسلت عليهم الشّهب، فرجعت الشّياطين إلى قومهم، فقالوا: مالكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السّماء، وأرسلت علينا الشّهب، قالوا: ما ذاك إلّا من شيء حدث. فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها «٥» ، فانظروا ما هذا الّذي حال بيننا وبين خبر السّماء، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، فمرّ النّفر الّذين أخذوا نحو تهامة (وهو بنخل «٦» ، عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلّي بأصحابه صلاة الفجر) فلمّا سمعوا القرآن استمعوا له، وقالوا: هذا حال بيننا وبين خبر السّماء، فرجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ


(١) البيضة: الخوذة على الرأس تقي المحارب.
(٢) أحمد (٣٠- ٣١) . وقال الشيخ أحمد شاكر (١/ ٢٤٤) : إسناده صحيح.
(٣) أحمد (١/ ٢٠٠) والترمذي: (٢٥١٨) والدارمي: (١٥٨٩- ١٥٩٤) . وقال محقق جامع الأصول (٦/ ٤٤٤) : إسناده صحيح.
(٤) سوق عكاظ: هو موضع بقرب مكة كانت تقام به في الجاهلية سوق يقيمون فيه أياما، قال النووي: تصرف ولا تصرف، والسوق تؤنث وتذكر، وفي القاموس: وعكاظ كغراب، سوق بصحراء بين نخلة والطائف، كانت تقوم هلال ذي القعدة، وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيتعاكظون، أي يتفاخرون ويتناشدون، قال النووي: قيل سميت بذلك لقيام الناس فيها على سوقهم.
(٥) فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها: الضرب في الأرض الذهاب فيها، وهو ضربها بالأرجل
(٦) وهو بنخل: هكذا وقع في صحيح مسلم: بنخل، وصوابه بنخلة، بالهاء، وهو موضع معروف هناك، كذا جاء صوابه في صحيح البخاري.