للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّاس أن يقول بحقّ إذا علمه» قال: فبكى أبو سعيد فقال: قد والله رأينا أشياء فهبنا، فكان فيما قال: «ألا إنّه ينصب لكلّ غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته، ولا غدرة أعظم من غدرة إمام عامّة يركز لواؤه عند استه» فكان فيما حفظنا يومئذ: «ألا إنّ بني آدم خلقوا على طبقات شتّى، فمنهم من يولد مؤمنا ويحيا كافرا ويموت كافرا، ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا، ألا وإنّ منهم البطيء الغضب سريع الفيء، ومنهم سريع الغضب سريع الفيء فتلك بتلك، ألا وإنّ منهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء ألا وشرّهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وإنّ منهم حسن القضاء حسن الطّلب، ومنهم سيّء القضاء حسن الطّلب، ومنهم حسن القضاء سيّء الطّلب، فتلك بتلك، ألا وإنّ منهم السّيّء القضاء السّيّء الطّلب، ألا وخيرهم الحسن القضاء الحسن الطّلب، ألا وشرّهم سيّء القضاء سيّء الطّلب، ألا وإنّ الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فمن أحسّ بشيء من ذلك فليلصق بالأرض» قال: وجعلنا نلتفت إلى الشّمس. هل بقي منها شيء؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إنّه لم يبق من الدّنيا فيما مضى منها إلّا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه» ) * «١» .

٧-* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: «كنّا قعودا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها، حتّى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل: يا رسول الله، وما فتنة الأحلاس؟ قال: «هي هرب وحرب «٢» ، ثمّ فتنة السّرّاء، دخنها «٣» من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يزعم أنّه منّي، وليس منّي، وإنّما أوليائي المتّقون، ثمّ يصطلح النّاس على رجل كورك على ضلع «٤» ، ثمّ فتنة الدّهيماء «٥» ، لا تدع أحدا من هذه الأمّة إلّا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت تمادت، يصبح الرّجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، حتّى يصير النّاس إلى فسطاطين «٦» ، فسطاط إيمان لا نفاق فيه. وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم


(١) الترمذي (٢١٩١) وقال: حديث حسن صحيح. وعند أحمد في المسند عن أبي سعيد: ألا لا يمنعن أحدكم (رهبة الناس) بدل هيبة (٣/ ٥٠) . ولفظ آخر (مخافة) (٣/ ٤٤، ٤٧) ، وقال محقق جامع الأصول: (١١/ ٧٤٨) لبعض فقراته شواهد.
(٢) حرب: الحرب بفتح الراء: ذهاب المال والأهل، يقال: حرب الرجل، فهو حريب إذا سلب أهله وماله.
(٣) دخنها: إثارتها وهيجها، شبهها بالدخان الذي يرتفع، أي: أن أصل ظهورها من هذا الرجل. وقوله: «من تحت قدمي رجل» يعني: أنه يكون سبب إثارتها.
(٤) كورك على ضلع: مثل، أي: أنه لا يستقل بالملك، ولا يلائمه. كما الورك لا تلائم الضلع.
(٥) فتنة الدهيماء: أراد بالدهيماء: السوداء المظلمة، وقيل: أراد بالدهيماء: الداهية يذهب بها الدهيم، وهي في زعم العرب: اسم ناقة، قالوا: كان من قصتها أنه غزا عليها سبعة إخوة، فقتلوا عن آخرهم، وحملوا على الدهيم حتى رجعت بهم فصارت مثلا في كل داهية.
(٦) فسطاطين: الفسطاط: الخيمة الكبيرة، وتسمى مدينة مصر: الفسطاط، والمراد في هذا الحديث: الفرقة المجتمعة المنحازة عن الفرقة الأخرى، تشبيها بانفراد الخيمة عن الأخرى، أو تشبيها بانفراد المدينة عن الأخرى، حملا على تسمية مصر بالفسطاط، ويروى بضم الفاء وكسرها.