للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمشلل من ناحية قديد، وكانت من الأصنام التي تعظمها قبائل العرب وخصوصا الأوس والخزرج قبل الإسلام فهدمها وذلك لست بقين من رمضان «١» . كما أرسل عمرو بن العاص إلى «سواع» صنم هذيل فهدمه، وأرسل الطفيل بن عمرو الدوسي لإحراق (ذي الكفّين) صنم عمرو بن حممة فأنجز الطفيل مهمته «٢» . مما أزال أكبر مراكز الوثنية التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى «٣» .

اجتمع الناس لمبايعة النبي صلّى الله عليه وسلّم على السمع والطاعة لله ورسوله «٤» ، فلما فرغ من بيعة الرجال، بايع النساء وأورد الطبري في تاريخه تفصيلات بيعة النساء، وهي لم ترد عن طريق صحيحه، وقد تضمنت «ألّا يشركن بالله تعالى ولا يسرقن ولا يزنين ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصين الرسول في معروف» «٥» .

ولقد خشي بعض الأنصار أن يكون الأمان الذي منحه الرسول صلّى الله عليه وسلّم لقريش وتسامحه معهم دليلا على رغبته في قريته ورغبته في المقام بين أبناء عشيرته، فأخبره الوحي بما قالوا فخاطبهم قائلا: «إنّي عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم والممات مماتكم» ، فاعتذروا إليه فقبل اعتذارهم «٦» .

خطب النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد فتح مكة عدة خطب وردت بمرويات صحيحة ومتواترة، أولها كانت خطبته يوم الفتح على باب الكعبة بيّن فيها دية الخطأ شبه العمد في القتل، وألغى مآثر الجاهلية وثاراتها مستثنيا منها سقاية الحاج وسدانة البيت العتيق «٧» .

وفي الخطبة الثانية أبطل أحلاف الجاهلية وبأنه «لا حلف في الإسلام، وما كان من حلف الجاهلية فإن الإسلام لا يزيده إلا شدة، والمؤمنون يد على من سواهم يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، يرد سراياهم على قعيدهم» ، كما بين صلّى الله عليه وسلّم فيها أنه: «لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم» ، وأنه «لا جلب ولا


(١) ابن سعد- الطبقات ٢/ ١٤٦، هشام ابن محمد الكلبي- الأصنام ص/ ١٥.
(٢) ابن سعد- الطبقات ٢/ ١٤٦ معلقا، ابن هشام- السيرة ١/ ٣٨٥ بدون إسناد.
(٣) القرآن الكريم- سورة النجم، الآية/ ١٩- ٢٠.
(٤) بايع النبي صلّى الله عليه وسلّم المسلمين بعد الفتح على الإسلام والإيمان والجهاد، انظر: البخاري- الصحيح ٥/ ٧٢، ١٩٣، مسلم- الصحيح ٢/ ١٤٠.
(٥) الطبري- تاريخ ٣/ ٦١- ٦٢ بلاغا، وذكر الطبري تفصيلات عن مناقشة هند بنت عتبة ومداخلاتها في أثناء البيعة وبأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر عمر بأن يأخذ له البيعة عليهن، وقد ثبت في الصحيح أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يبايع النساء بالكلام بالآية ولا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً ... سورة الممتحنة (الآية/ ١٢، وأنه ما مست يده الكريمة امرأة أجنبية عنه (البخاري- الصحيح- فتح الباري حديث ٢٥٨٨) ، مسلم- الصحيح (حديث ١٨٦٦) .
(٦) مسلم- الصحيح ٣/ ١٤٠٦ حديث ١٧٨٠، وأورد الإمام البخاري أن أسامة بن زيد- رضي الله عنه- سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم إن كان سينزل في بيته، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟» ، ولذلك فقد أقام صلّى الله عليه وسلّم في قبة ضربت له في الحجون (البخاري- الصحيح ٥/ ١٨٧) ، (مسلم- الصحيح ١/ ٥٦٧) .
(٧) أحمد- المسند ٣/ ٤١٠ بإسناد حسن لذاته، أبو داود- السنن (٢/ ٤٩٢) بإسناد صحيح.