للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب» «١» .

أما عن عدد جيش المسلمين في غزوة تبوك فالراجح أنه كان أكثر من ثلاثين ألف مقاتل «٢» ، وكان معهم عشرة آلاف فرس «٣» ، وقد سلك الجيش طريق الشام «٤» وفي الطريق إلى تبوك لحق بالجيش أبو خيثمة مالك بن قيس وكان من الأنصار بعد أن كان تخلف بالمدينة «٥» ، كما لحق به أبوذر رضي الله عنه وهو لم يتخلف وإنما أبطأ به بعيره، مما دعاه إلى أن يأخذ متاعه فيحمله على ظهره، ويتبع أثر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ماشيا «٦» .

وأورد الواقدي وغيره من أهل السير والمغازي مرويات عن جملة معجزات حصلت خلال غزوة تبوك ولكنها كلها ضعيفة «٧» وأورد ابن إسحاق خبرا مرسلا عن تخذيل المنافقين للمسلمين أثناء الغزوة والجيش في طريقه إلى تبوك.

وأورد الطبري في تفسيره «٨» آثارا متعددة في سبب نزول قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ «٩» .

ومن ذلك أثر صحيح عن عبد الله بن عمر جاء فيه أن رجلا من المنافقين ذكر القراء بسوء فرد عليه رجل


(١) على الرغم من ضعف الرواية وتفرد ابن إسحاق بإيرادها دون سند، فإن تصرفات عبد الله بن أبي زعيم المنافقين هذه قد تكون السبب في منع النبي صلّى الله عليه وسلّم من الصلاة عليه عند موته بعد رجوع النبي صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين من تبوك.
(٢) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٨/ ١١٣- مسلم- الصحيح ٨/ ١١٢ (حديث ٢٧٦٩) ، ابن حجر فتح الباري ٨/ ١١٨، وما ورد لا يتعارض مع ما أورده ابن إسحاق والواقدي.
(٣) الواقدي- المغازي ٣/ ٩٩٦ برواية زيد بن ثابت، ابن سعد- الطبقات ٢/ ١٦٦.
(٤) تفصيلات قصته أوردها الطبراني (فتح الباري ٨/ ١١٩) كما أوردها ابن هشام برواية ابن إسحاق دون إسناد في سيرته ٣/ ٥٢٠- ٥٢١ كما أوردها الحافظ ابن كثير في البداية ٥/ ٧- ٨ وقد أخرج قسما منها الإمام مسلم في صحيحه ٨/ ١٠٧، والإمام أحمد في المسند ٦/ ٣٨٧- ٣٨٨، كما أورده الواقدي- المغازي ٣/ ٩٩٨- ٩٩٩ وجعله عبد الله بن خيثمة السالمي خلافا لما ورد برواية الزهري وابن إسحاق.
(٥) الحاكم- المستدرك ٣/ ٥٠- ٥١، والذهبي- ميزان ١/ ٣٠٦، ابن كثير- البداية ٥/ ١٠- ١١، وأورد ابن هشام في السيرة حيث ساق خبر إبطاء بعيره والتحاقه مع خبر وفاته بالربذة، ثم خبر وصول ركب عبد الله بن مسعود مع رهط من أهل العراق، وترحمه عليه وذكره لحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم عن مسيره من تبوك (السيرة ٣/ ٥٢٤) .
(٦) من ذلك ما ورد في مغازي الواقدي ٣/ ١٠٠٨- ١٠١٥ عن الأفعى التي اعترضت طريق المسلمين، ومعجزة الماء الذي نبع من بين أصابع النبي صلّى الله عليه وسلّم (المغازي ٣/ ١٠٤٠- ٤٢) ، ومعجزة تكثير الطعام في تبوك (المغازي- ٣/ ١٠١٧- ١٠١٨) ، ومعجزة نزول المطر بدعائه صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك (السيوطي- الخصائص الكبرى ٢/ ١٠٦) ، ومعجزة لقاء النبي صلّى الله عليه وسلّم مع إلياس- عليه السلام- (الخصائص ٢/ ١٠٩) ، ومع أن معجزات كثيرة قد وقعت للرسول صلّى الله عليه وسلّم وردت بطرق صحيحة ولا شك في حصولها ولا يمكن التشكيك فيها ولا مجال مطلقا لإنكار أي منها، فإن ما أشرنا إليه آنفا وقع مثلها في غير هذا الموضع وبأسانيد صحيحة. لكنها هنا ضعيفة الأسانيد.
(٧) ابن هشام- السيرة ٣/ ٥٢٤.
(٨) الطبري- التفسير ١٤/ ٣٣٣ (رقم ١٦٩١٢) بإسناد صحيح.
(٩) القرآن الكريم- سورة التوبة، الآيات/ ٦٥- ٦٦.