والثانية: تفضلُه سبحانه، بإِنزال القرآن هدًى للمتقين.
والناس - بالنسبة لهاتين النعمتين الجليلتين - فريقان: فريق المؤمنيين. وقد بين سبحانه حالهم العظيم ومآلهم الحسن بقوله:(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ … ) الآية.
ولم يتناول بالذكر هنا حال الكافرين - وهم الفريق الثاني: تهوينا لشأْنهم، إِذ قد أَغلقوا قلوبهم، فلم تعمر بالإِيمان، وأَغمضوا أَعينهم فلم تر النور المبين.
أَي: فأَما الذين صدقوا باللهِ، في ذاته وصفاته وأَفعاله، وبما أَنزله من شرائع.
(وَاعْتَصَمُوا بِهِ):
أَي: وعَصَموا بطاعته أَنفُسَهم، من التردى في هاوية الضلال، وطلبوا منه أَن يُثَبِّتَهم على الِإيمان، ويصونَهم من نزعات الشيطان.
(فَسَيُدْخِلُهُم في رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ):
أَي: فسيدخلهم الله في أَنواع رحمات كثيرة، لمن يرحمهم الله بها في الدنيا بتمكينهم في الأرض، وإِظهار شأُنهم على أَعدائهم، وفي الآخرة بالجنة.
(وَفَضْلِ): والفضل؛ هو ما يتفضل به سبحانه عليهم من علو القدر في الدنيا، وفي الجنة من النعيم الزائد عما جُوزوا به؛ مما لا عين رأَت ولا أُذن سمعت.
(وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مًّسْتَقِيمًا):
أَي: ويهديهم ربهم طريقا مستقيما، هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ..
قال ابن كثير:"وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة. فهي - في الدنيا - على منهاج استقامته وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات. وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إِلى روضات الجنات".