والصحيح الذي عليه الجمهور: أن هذه القصة لولدين لآدم ﵇ من صلبه - وهذا هو الذي يقتضيه ظاهر النص - وليست لرجلين من بني إسرائيل كما قال الحسن البصري؛ لأن بني إِسرائيل كانوا يَعْرِفون كيف يُدْفَنُ الموتى. ولم يكونوا بحاجة إلى أَن يتعرفوا ذلك بالاقتداء بالغراب.
وخلاصة ما قيل في قصتهما: أَن حواءَ أُم البشرية، كانت تلد - في كل بطن - ذكرا وأُنثى، وكان آدم ﵇ يزوج ذكر بطن لأُنثى بطن الآخر. بالعكس.
ويجعل الافتراق بالبطون، بمنزلة الافتراق بالنسب، للضرورة. وكانت التوأم لا تخل - في شريعته - لتوءَمها.
وحدث أن حواءَ ولدت ولدا أسمته قابيل، وكانت توءَمُهُ أنثى جميلةً. ثم ولدت ذكرا آخر أسمته هابيل، وكانت توءمه أنثى غير جميلة. فلما بلغوا مبلغ الزواج، أراد آدم أن يجري عليهم شريعته، بأَن يزوج قابيل لتوءَم هابيل، ويزوج هابيل لتوءَم قابيل. فرفض قابيل ذلك، وقال أنا أَحق بتوأمي من هابيل. ولم يكترث بزجر أَبيه إياه، فدعاهما آدم إلى أَن يُقَرِّبَا قرْبَانًا إِلى الله، وذكر لهما أَن من قُبل قربانُه فهو صاحب الحق في التزوج بالأُخت الجميلة، وإِنما قال ذلك، لعلمه أن الله تعالى، لن يقبل من قابيل، لأن زواجه من توءَمه ليس مما شرعه الله لهم.
وكان قابيل صاحب زرع، وكان هابيل صاحب ماشية، فقدم كلاهما قربانًا مما عنده فقبل الله قربان هابيل دون قابيل. وتأكد بذلك حقه في الزواج من توءم قابيل. فحقد قابيل على هابيل، وحلف ليقتلنه.
وكان من أمره وأَمر أَخيه ما قص الله تعالى.
وهذه خلاصة ما ذكرته كتب التفسير، وإن لم نجد لها سندا في كتب السنة.