للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرجل - حكمت فيهم بحكم المحاربين .. فافهموا هذا من أَصل الدين، وارتفعوا إلى يفاع العلم عن حضيض الجاهلين. إ هـ.

نقول: وهذا ما يسميه علماءُ القانون: "سرقة بالإِكراه".

وفي المسألة أحكام عظيمة، وتفاصيل نفيسة ينبغي لأَهل القضاءِ أن يعرفوها ليطبقوها على الذين يعيثون في الليل والنهار فسادا.

فليتعرفها هؤلاء القضاة من مظانها في كتب التفسير المطولة. المعنية بأحكام القرآن، وفي كتب الفقه.

ولينفذوها في أولئك المحاربين لله ورسوله، قطعًا لدابرهم.

ثم ختم الله الآية بقوله:

﴿ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾:

أَي: ذلك الذي مرّ من جزاء المحاربين، خزيٌ وذل وفضيحة لهم في الدنيا .. ولهم في الآخرة عذاب عظيم.

وإنما بولغ في جزاء قطاع الطريق؛ لأنهم يَسُدُّون سبيل الكسب والتجارة على الناس، ويُلْزِمُونهم البيوت، ويقطعون الأرزاق عن عباد الله، ويروِّعونهم في مآمنهم، فلذا، شُرِعَ لهم أشدُّ العقاب، قطعًا لدابرهم.

٣٤ - ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾:

أفادت هذه الآية: أن توبةَ المحاربين - بعد القدرة عليهم - لا تنفعهم، بل لا بد من أن تقام عليهم الحدود التي وجبت في الآية السابقة.

أما إِن تابوا قبل القدرة عليهم وإمساكهم، فإن حق الله يسقط عنهم، بقوله تعالى:

﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾:

أَما حقوق الآدميين من قصاص وغيره، فلا تَسْقُطُ بالتوبة، فإن شاءُوا عَفَوْا، وإِن شاءُوا استوفَوْا منهم حقوقهم، قصاصا عادلًا.