أي فمن تاب من سرقته - من بعد أن ظلم بها من سرق منه، وأصلح أمره - فإن الله يقبل توبته؛ لأن الله عظيم الغفران والرحمة.
وإصلاح أَمره يكون: بالتقصّي عن التَّبِعَات، وردِّ ما سرقه إن أمكن، أَو باستسماح صاحب المال .. فإن لم يعرف صاحبه، أنفقه في سبيل الله.
وقيل: المراد بالإصلاح أن يستقيم على التوبة.
ولكن لا يسقط حد السرقة بالتوبة، إن كان قد رفع أمر السارق إلى القضاء. فإن كانت توبته قبل أن يرفع أمره إِلى القضاء، فلا قطع، كما قال به عطاء: وجماعة من الفقهاء. استنادا إلى قوله تعالى:"إلاَّ الذينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عليْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(١) فإنه وإن نزل في قطاع الطريق، فحكمه عام في جميع الحدود، عند هؤُلاء العلماء.
وقد بسط العلماءُ القول في أحكام السرقة، والاختلاس، والغصب، وغير ذلك.
فليرجع إليها من أراد، في موسوعات كتب التفسير والفقه.
هذه الآية، مسوقة لتقرير حق الله تعالى في أَن يشرع ما تقدم من عقاب قاطع الطريق، والسارق، والعفو عن التائب منهما.
والخطاب لكل من يصلح له.
والمعنى: أَلم تعلم أَن الله تعالى، له السلطان الكامل على السموات والأرض وما فيهما.
ومن كان كذلك، فإِن له كامل الحق، في أَن يعذب من شاءَ من المعتدين، ويغفر لمن شاءَ من التائبين، والله على كل شيءٍ قدير: عظيمُ القدرة، فلا يمنعه عن تشريعه الحكيم مانع، ولا يدفعه عن جزائه لهم في الدنيا والآخرة دافع.