للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وليس المراد من الآية الكريمة: أَن يكون بعض اليهود أَولياءَ لبعض النصارى؛ لانتفاءِ الموالاة بين الفريقين أَصلا، قال تعالى: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ … " (١) إِلا في عداوتهم للمسلمين، فهم فيها أَولياء بعضهم للبعض. ولهذا أَكد القرآن على نبذ الولاية لهم؛ وتأكيد الولاية للإِسلام بقوله:

(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ):

أَي ومن يتوددْ إِلى اليهود والنصارى، ويستنصر بهم، فإِنه من جملتهم، وليس من جماعة المؤْمنين؛ لأنه قد خالف الله ورسوله مثل ما خالفوا هم، ووجبت معاداته كما وجبت معادتهم، واستحق عذاب النار كما استحقوه، لأَنه أَضعف الإِسلام بهذه الولاية، قال تعالى: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" (٢).

وقد استفيد من الحكم: أَن من يتودد إِلى اليهود والنصارى يكون منهم، من قوله تعالى: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ): لأَن انحصار الموالاة - بين اليهود والنصارى في عداوتهم للإِسلام - يترتب عليه: أَن يكون من يواليهم منهم، لا من المؤْمنين.

(إنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ):

أَي إِن الله لا يوفق إِلى قبول الحق، أُولئك الذين ظلموا أَنفسهم باختيار الضلالة على الهدى، وظلموا غيرهم بإِيذائهم ومضاررتهم، وتدبير الكَيد لهم: فلا يهدى إِلى الإِيمان من ظلم نفسه من المسلمين بموالاة غير المؤْمنين، واتباع غير طريق المسلمين.

وفي ختام الآية بهذا: زجر شديد للمؤْمنين عن موالاة اليهود والنصارى؛ وأَنه ظالم للإسلام، لا يهدي الله صاحبه.

٥٢ - (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ … ) الآية،

خطاب للرسول ولكل من تتوفر له وسائل الإِبصار أَو العلم بأَحوالهم.

خطاب، بيَّن فيه حال الذين يوالون اليهود والنصارى، وأَشار فيه إِلى سبب هذه


(١) البقرة، من الآية: ١١٣
(٢) هود، الآية: ١١٣