أو هو الجزية التي تفرض على اليهود والنصارى، كدليل على استسلامهم وخضوعهم لنظام الإسلام - وقد خافهم من قبل مرضى القلوب من المنافقين، ونافقوا الرسول من أجلهم.
أو هو إظهار أمر المنافقين، والإِخبار بأسمائهم والأَمر بقتلهم.
والحق: أن كل ذلك قد حققه الله للذين آمنوا بمحمد ﷺ، وأَيقنوا بصدق رسالته.
وكلمة (فَعَسَى): من الله تعالى، وعدٌ واجب التحقق. لكن لا بإِيجاب أَحواله عليه تعالى، بل جريا على سنن العظماء الأكرمين؛ لأَن الكريم إذا أَطمع في خيرٍ، فَعَلَه، فما بالكم بأعظم العظماء، وأَكرم الأَكرمين!!
أَي: فيصبح هؤُلاء المنافقون - بعد أَن جاء فتح الله ونصره لرسوله - على ما حدثوا به أنفسهم وكتموه في صدورهم، من الكفر والشك في أَمر رسول الله ﷺ، آسفين متحسرين بعد أَن تبين لهم أَنهم كانوا - فيما فعلوه - مخطئين.
وترتيب الندم على ما أَسرُّوه من الكفر - دون ما أَظهروه من الموالاة - لأَن ما أبطنوه، كان السببَ الذي حملهم على إِظهار الموالاة وأَغراهم بها، فكان الندم على ما أَبطنوه، طريق أَسفهم على ما أَظهروه.
أَي: ويقول الذين آمنوا - مخاطبين اليهود على سبيل التقريع والتوبيخ - بعد ما هزموا ودارت الدائرة عليهم مشيرين إلى المنافقين بهذا الاستفهام: استهزاءً بهم وإِنكارا لصنيعهم واستبعادا له.