للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما تبين الآية الثانية: تسابقَ الكثيرين منهم إِلى ارتكاب المحرمات، وانخفاضهم إلى الحضيض الخُلُقي.

وتنفي الآية الثالثة على علمائهم، عدمَ إرشاد عامتهم إِلى الصواب. مبينة أن الساكت على الشر هو وفاعلُه سواء في استحقاق العذاب.

أسباب النزول:

كان جماعة من اليهود يدخلون على رسول الله ويُظهرون له الإيمان؛ نفاقًا؛ لخداعه والمكر به، فإذا خرجوا من لدنه خرجوا بالكفر كما دخلوا، دون أَن يتأثروا بما سمعوه من هَدي الرسول وإِرشاده. فأنزل الله هذه الآية، لإظهار نفاقهم.

والمعنى: وإِذا جاءكم - أَيها الرسول ومن معك من المؤْمنين - هؤُلاءِ اليهود، أظهروا لكم الإيمان بألسنتهم؛ نفاقًا لخداعكم. والحال أنهم خرجوا - من مجلسكم - وهم أشد تمسكًا بالكفر الذي ملأ قلوبهم حال دخولهم عليكم: متصفين به، لم يتأثروا بما سمعوه من نصح الرسول، وهدْيه وإِرشاده.

﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ﴾:

أَي والله أَعلم بما كتموه من الكفر، وبما أضمروه من الحرص الشديد على عداوة المسلمين وبغضهم، والجد في المكر بهم، وتدبير الكيد لهم، وإِلحاق أَبلغ الضرر بهم.

وفيه من الوعيد الشديد لهم - بأشد أَنواع العقاب - ما لا يخفى. وفي هذا الموقف النفاقي، قال تعالى: ﴿وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (١).

٦٢ - ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ. . .﴾ الآية.

هذا خطاب لرسول الله ولكل من تتوافر له وسائل الإبصار أَو العلم بأحوالهم، بيّن الله تعالى فيه، حال كثير من هؤُلاء اليهود المنافقين. وهبوطهم الإنساني.


(١) سورة آل عمران، آية: ٧٢