للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَي وترى يا محمد، كثيرا من هؤُلاءِ اليهود مسارعين إِلى ارتكاب الإِثم - أَي الكذب أو ارتكاب جميع المعاصي والمحرمات، وبخاصة نوعين من أَشد المحرمات قبحًا. هما:

العدوان … وأكْل السحت.

أما العدوان: فهو مجاوزة الحد في الظلم. ومصدره الأنانية الكافرة.

وأما السحت: فهو أكل الحرام. وأَظهرهُ الربا وأَخذ الرشوة. ومصدره الأثرة الفاجرة.

وخُصَّا بالذكر - بعد دخولهما في جميع المعاصي - للمبالغة في إِظهار قبحهما. وخطورتهما على المجتمع البشري.

﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾:

أي: إِن استمرارهم على ارتكاب تلك المعاصي زاد أَعمالهم قبحًا، وزادهم أَهلية للذم والتوبيخ. قال تعالى: (وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ): ولم يقل وتراهم؛ لأَن قليلًا منهم كانت فيهم إنسانية فيستحيون، فيتركون المعاصي.

وأَكثر ما يستعمل لفظ المسارعة، في الخير. قال تعالى: ﴿نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ … ﴾ (١) وقال تعالى: ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ … ﴾ (٢) فاستعماله هنا، يدل على أَنهم كانوا يرتكبون المعاصي - وكأَنهم على حق فيما يفعلون. كما أَفاد التعبير بلفظ (في)، دون (إلى) أَنهم كانوا حريصين أشد الحرص على إِتيان المحرمات.

إذ المعنى: أَنهم مستقرون في المعاصي، منغمسون فيها.

وكذلك أَفاد التعبير بلفظ (يُسَارِعُونَ) أَنهم كانوا يتسابقون: مسرعين إِلى الكفر وارتكاب هذه الآثام.

٦٣ - ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ. . .﴾ الآية.

بعد أَن بينت الآية السابقة: أَن كثيرا من اليهود، كانوا يتسابقون إِلى ارتكاب المعاصي والآثام. جاءَت هذه الآية: تنعي على علمائهم، عدا النهي عن ارتكاب المعاصي والآثام.


(١) المؤمنون، من الآية: ٥٦
(٢) المؤمنون، من الآية: ٦١