أَما تعدد الآلهة، فهو وصم لها بالقصور؛ لأن قدرة كل منهم تكون - حينئذ - مقيدة بقدرة الآخرين، والإِله لا يكون محدود القدرة والسلطان.
ولو فرض اتفاق الآلهة على ما يخلقون، فإِن كان كلُّ واحد منهم قادرا على ما يقدر عليه الآخر، فما فائدة التعدد؟
وإِن كان كل منهم عاجزا، فلا يصلحون - جميعًا - للألوهية.
وإِن كان البعض قادرا والبعض عاجزا، فالقادر هو الإِله وحده.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾:
معناه: أَنه لا يمكن أن يكون الإِله سوى إِله واحد. كما ذكرنا في الأَدلة السابقة.
﴿وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾:
هذا تهديد للقائلين بالتثليث، وإنذار لهم بأَن عليهم أَن يستجيبوا للوحي السماوي الصادق: الذي يؤَيده العقلُ السليم، والنظرُ الدقيق. وهو التوحيد. فإِن لم يرجعوا إِليه، فإِن الله سبحانه، سيأخذهم بعذاب مؤْلم، جزاء كفرهم القبيح.
وجواب الشرط مؤَكد بلام القسم ونون التوكيد وتنكير العذاب، ووصفه بالإِيلام، لإِيراد شدته وهَوْلِه. ووعد القرآن الكريم بقوله: ﴿لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ﴾، ولم يقل ليمسنهم، بأَن هذا الوعد بسبب كفرهم.
٧٤ - ﴿أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ. . .﴾ الآية.
هذه دعوة من الله لهم إِلى التوبة من جريمة الكفر - مع بشاعتها - رحمة بهم لإِنقاذهم من العذاب الأَليم.
﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾:
تعقيب لتأكيد مغفرة الله ورحمته لمن يلتمسها ويحققها فإِنه سبحانه يقبل توبة التائبين، ويغفر للمستنيبين النادمين، ويرحم المذنبين المستغفِرين، فهو سبحانه عظيم الغفران واسع الرحمات.