للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي تفسير الخازن؛ قال ابن عباس: يريد النجاشي وأصحابه، لَمَّا قرأ عليهم جعفر ابن أَبي طالب سورةَ مريم. قال: فما زالوا يبكون حتى فرغ جعفر من القراءة.

﴿مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَق﴾:

أَي تفيض عيونهم من الدمع، من أَجل ما عرفوه من الحق (١).

وهذا شأن العلماء المخلصين، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ … ﴾ (٢) الآية.

﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾:

يقولون - بعد أن اطمأنت قلوبهم للإسلام - ربنا آمنا بنبيك محمَّد ورسالته، فتقبل منا، واجعلنا مع أُمة محمَّد الذين سيشهدون على الأمم يوم القيامة، كما قال تعالى:

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ (٣) الآية.

نقل هذا عن ابن عباس، وابن جريج.

وقال الحسن: الذين يشهدون بالإيمان.

وقال أَبو علي: الذين يشهدون بتصديق نبيك وكتابك.

٨٤ - ﴿وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾:

وأَىُّ شيءٍ يصرفنا عن الإيمان بالله، وتصديق ما جاءنا من الحق بعد ما تبين لنا صدق الرسول، وصحة رسالته - أَي لا شئَ يصرفنا عن ذلك!!.

ونظير هذا الأسلوب قوله تعالى: ﴿وَمَا لِىَ لَاَ أعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ (٤).

والمراد بالحق: القرآن والإِسلام.


(١) وقد جاءت "مِنْ" للتعليل - هنا - كما في قوله تعالى: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ نوح، من الآية: ٢٥، وفي قول الفرزدق في علي زين العابدين :
يغضى حياء ويغضى من مهابته … فما يكلم إلا حين يبتسم
(٢) الزمر، من الآية: ٢٣
(٣) البقرة، من الآية: ١٤٣
(٤) يس من الآية: ٢٢