للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال : "مَنْ أَتَى عَرَّافًا - أَوْ كَاهِنًا - فَصدَّقَهُ بِمَا يَقولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِل عَلى مُحَمَد" (١).

هذه المنكرات كلها، ينفر منها العقل، وينكرها الشرع. وقد زينها الشيطان وخدع بها بعضم المفتونين، فصدهم عن السبيل، حيث أَوهمهم أَن قليل الخمر مفيد للصحة، وأَن في الميسر فائدةً للفقراء، وأن الأَنصابَ وسيلة لذبح القرابين والانتفاع بلحومها، وأن إِجالَة القداح استخارةٌ … وكل هذه مغالطات واهية: تنكرها العقول الرشيدة، والطبائع السليمة.

﴿فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾:

فاتركوا هذا الرجس القبيح، رجاءَ أَن تكونوا في عداد المفلحين الفائزين، بتزكية أَنفسكم، وسلامة أَبدانكم. والتوادّ فيما بينكم.

وقد جمع الله سبحانه الخمر والميسر مع الأَنصاب والأَزلام في هذه الآية لتأْكيد تحريم الخمر والميسر، ثم أَفرد الخمرَ والميسر في الآية التي تليها لأَن الخطاب فيها، مع المؤْمنين الذين هجروا الأَنصاب والأَزلام بدافع من إِيمانهم، أَي من تلقاءِ أَنفسهم، ولم تكن الخمر قبل هذا محرمة، بدليل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا … ﴾ الآية.

والمقصودُ نَهْىُ المؤْمنين - جميعًا - عن شرب الخمر، وعن اللعب بالقمار. قال رسولُ اللهِ : "لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَها. وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ، وَآكِلَ ثَمَنِها" (٢).

وقد أَكَّد الله تحريم هذه الأُمور في الآية الأولى، بقصرها على الرجس الذي هو من عمل الشيطان. وحيث كانت كذلك، فلا يرجى منها خير. وجعل اجتنابها سببا يرجى منه الفلاح.

وحَدَّ من ثبت عليه شُرْبُ الخمر بإقرار أَو شَهود: أَربعون جَلدة، وقيل: ثمانون.

وتفصيل ذلك في كتب الفقه.


(١) رواه مسلم والحاكم.
(٢) رواه أبو داود والحاكم في المستدرك عن ابن عمر. الفتح الكبير: ٣ - ١٣