أَي لا يريد الشيطان - بتزيينه الخمر والميسر - إلا أَن يقطع ما بينكم من صلات المودة، ويجعل مكانها العداوة والبغضاءَ، بسبب ما تثيره الخمرُ والميسر من أَسباب القطيعة، ويصرفكم عن ذكر الله الذي به صلاح دنياكم وآخرتكم، ويصرفكم عن الصلاة التي هي عماد الدين، وفي أَدائها تزكيةٌ لنفوسكم، وتطهير لقلوبكم؛ لأَن السكران لا يذكر الله، ولا يميز أَوقات الصلاة، ولا يقيم أَركانها، ولأَن المقامر: يشغله اللعب والاستغراق فيه، عن ذكر الله وعن الصلاة.
ولما بيّن - جَل اسمه - حكمة تحريم الخمر والميسر، أَكد ذلك التحريم، بما يفيد الوعيد على عدم الامتثال، فقال:
﴿فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾:
وهذا أمر بالانتهاءِ، جاءَ بأسلوب الاستفهام. فكأَنه قال: قد أَوضحتُ لكم ما في الخمر والميسر من أَنواع المفاسد والمضار الدنيوية والدينية، فانتهوا عن تلك المفاسد، حتى لا يحل بكم عقابي.
وقد فهم هذا المعنى عمر بن الخطاب، ﵁.
قال الطبرى في تفسيره: لمّا علم عمر رضي الله تعالى عنه: أَن هذا وعيد شديد زائد على معنى: انتهوا .. قال:"انتهينا يا رب".
ثم أَمر النَّبي ﷺ، مناديَهُ أَن يُنَادِىَ في سِكَكِ المدينة: أَلا إنَّ الخمرَ قد حُرَّمت … فكُسرت أَوانيها، بعد ما أُريقت حتى جرت في سكك المدينة.