في هذه الآية الكريمة، يذكِّر الله تعالى نبيَّه عيسى ﵇، بِنِعَمِه عليه وعلى والدته مريم ﵉. حين أَيده بروح القدس؛ وهو جبريل ﵇.
ومعنى روح القدس: الروح المطهر من شوائب النقص.
وتأْييده لعيسى ﵇؛ أَنه صاحَبَهُ - من حين ولادته إِلى أَن رفعه الله إِليه.
فأَما تأييده له - من حين ولادته - فذلك أَنه أَقدره على أَن يكلم الناس - بحكمة وعلم - وهو في المهد. قبل أَوان الكلام. ومن ذلك قوله لقومه: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ … ﴾ (١). وذلك ردًّا على اتهامهم أُمَّهُ بسوءِ السلوك، حين ولدته دون زوج.
وأَما تأْييده له في الكهولة: فهو إِعانته على تبليغه رسالة ربه. بنزوله بالوحي عليه، وإِظهار المعجزات على يديه.
وقد جعل الله تأْييده عيسى بروح القدس نعمة عليه، وعلى والدته مريم ﵉ لما ترتب عليه من إِثبات كرامتهما على الله وطُهْر مَنشَئِه، ونظافة عِرْض أمه.
وكذلك سائر النعم التي أَنعم الله بها على عيسى هي - في الوقت نفسه - نِعَمٌ على أُمه مريم ﵉.
والمعنى الإِجمالي للآية الكريمة:
واذكر - أيها المتأَمل المُنصِف - وقت أَن قال الله لعيسى بن مريم؛ تذَكَّرْ نعمتى عليك يا عيسى وعلى والدتك حين قَوَّيْتُك وأعَنْتُكَ بجبريل الروح المطهر. وكان تأييدنا لك به: أَنك تكلم الناس - في مهد الطفولة، وفي زمان الكهولة - كلام الحكماء الراسخين في العلم، الملهمين من العليم الحكيم.