للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم شرع الله في حكاية ما أَجاب به بنو إسرائيل نبيَّهم عيسى ، بعد أَن أيَّدَه الله بالمعجزات الباهرات، فقال:

١١٠ - ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ … ﴾ الآية.

في هذه الآية الكريمة، يذكِّر الله تعالى نبيَّه عيسى ، بِنِعَمِه عليه وعلى والدته مريم . حين أَيده بروح القدس؛ وهو جبريل .

ومعنى روح القدس: الروح المطهر من شوائب النقص.

وتأْييده لعيسى ؛ أَنه صاحَبَهُ - من حين ولادته إِلى أَن رفعه الله إِليه.

فأَما تأييده له - من حين ولادته - فذلك أَنه أَقدره على أَن يكلم الناس - بحكمة وعلم - وهو في المهد. قبل أَوان الكلام. ومن ذلك قوله لقومه: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ … ﴾ (١). وذلك ردًّا على اتهامهم أُمَّهُ بسوءِ السلوك، حين ولدته دون زوج.

وأَما تأْييده له في الكهولة: فهو إِعانته على تبليغه رسالة ربه. بنزوله بالوحي عليه، وإِظهار المعجزات على يديه.

وقد جعل الله تأْييده عيسى بروح القدس نعمة عليه، وعلى والدته مريم لما ترتب عليه من إِثبات كرامتهما على الله وطُهْر مَنشَئِه، ونظافة عِرْض أمه.

وكذلك سائر النعم التي أَنعم الله بها على عيسى هي - في الوقت نفسه - نِعَمٌ على أُمه مريم .

والمعنى الإِجمالي للآية الكريمة:

واذكر - أيها المتأَمل المُنصِف - وقت أَن قال الله لعيسى بن مريم؛ تذَكَّرْ نعمتى عليك يا عيسى وعلى والدتك حين قَوَّيْتُك وأعَنْتُكَ بجبريل الروح المطهر. وكان تأييدنا لك به: أَنك تكلم الناس - في مهد الطفولة، وفي زمان الكهولة - كلام الحكماء الراسخين في العلم، الملهمين من العليم الحكيم.


(١) مريم، من الآيتين: ٣١،٣٠