﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾:
وتذكَّر يا عيسى. نعمتى عليك، إِذ علمتك (الْكِتابَ): أَي جنس الكتاب. فيشمل الكتب السابقة؛ لأنها - جميعًا - متفقة في أصول العقيدة، وأُصول الشريعة.
وعلمتك (الْحِكمَةَ): أَي سداد الرأْى، وإصابة الحق، وفَهْمَ أَسرار العلوم.
(وَالتَّوْرَاةَ): التي أَنزلتها على موسى.
(وَالْإِنجِيلَ): الذي أنزلته عليك لتكتمل بهما رسالتك.
وخصهما بالذكر - مع شمول الكتاب لهما - لأَنهما أَهم الكتب التي أَنزلها الله على أنبياء بني إِسرائيل: ومنهما تؤخذ شريعتك.
﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي﴾:
وتذكَّرْ نعمتى عليك: إِذ تُصَوِّر من الطين مثل صورة الطير - بأَمرى وتَيْسِيرِى - فتنفخ في هذه الصورة فتكون طيرا حقيقيا بتيسيرى، ليكون ذلك آية لك. ولولا معونتى لما قدرت على تحقيق هذه المعجزة الباهرة. التي أَيدنا بها رسالتك، وحققنا بها نبوتك.
وقد أفادت هذه الآية: أن عيسى ﵇ لم يكن له عمل في شأْن تكوين الطير، سوى صنع صورته من الطين بتيسير الله، ونفخه في هذه الصورة بإِذن الله.
أَما تحقيق الحياة للطير، فكان بِإذن الله وأَمره التكوينى، بعد اتخاذ عيسى ﵇، تلك الأَسباب اليسيرة. التي لا علاقة لها بالتكوين أَصلا.
﴿وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي﴾:
وتذكَّرْ يا عيسى، نعمتى عليك، حين تُبْرِئُ الأَكمه - وهو مَنْ وُلِد أَعمى - فتمنحُه الإِبصارَ بإِذن الله وتيسيره.
وحين تخرج الموتى من قبورهم أَحياءً - بعد أَن صارت رميما - بإِذن الله تعالى وتيسيره.
وليس لعيسى من ذلك إلا إِجراءُ الله ذلك على يديه. فالكُل فعل الله أَبرزه الله على يديه؛ تأْييدا له، ومعجزةً تَشُدّ أَزرَ دعوته.