وسبب نزولها: أَن قريشا، كانوا يستهزئون بالقرآن. ويقولون فيه: إِنه سحر وشعر، وأَساطير الأولين، وما حَلا لهم من الأكاذيب، فنزلت الآية، تأْمر النبيَّ ﷺ: أَن يُعرِض عنهم إعراض منكر عليهم، إذا سمع ذلك منهم، ولا يجلس معهم، ولا يجادلهم في ذلك، حتى لا يزدادوا لجاجة في باطلهم، وربما دعاهم قيامه عنهم، إِلى تَرْك الاستهزاءِ لعدم جدواه.
والمعنى: وإِذا رأيتَ - يا محمَّد الذين يندفعون بالباطل في آياتنا، فاتركهم وقْت اشتغالهم بباطلهم، حتى يدخلوا في حديثٍ غيره، ذلك حينئذ مجالستهم، وإِن أَنساك الشيطان تَرْكَ مجالستِهم، فلا تقعد - بعد تذكر النهي عنها - مع هؤُلاء القوم الظالمين، ولا مؤاخذة عليك بهذا النسيان … والخطاب - وإن كان خاصًا بالنبي ﷺ فحكمه عام لجميع المسلمين.
رأى العلماء في نسيان الرسول
يرى بعضُ العلماء: أن ما جاءَ في الآية، من نسيان الرسولِ الأَمرَ بترك مجالستهم - عندما يخوضون في آيات القرآن - إِنما هو على سبيل الفرض، إذ لم يقعْ منه نسيان لذلك كما أَنه ليس للشيطان عليه سبيل. ولهذا استعملت:"إن" الشرطية فهي لمجرد الفرض لما ليس محقق الوقوع. وذلك على حد قوله تعالى: ﴿ .. لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ .. ﴾ (١).
ويرى بعض آخر من العلماء: أن الخطاب في الآية للنبي ﷺ. والمراد غيره من المؤْمنين.
وقيل: لغيره ابتداءً. أي وإذا رأيتَ أيها السامع.
ولكن جمهور العلماء على جواز النسيان على النبي ﷺ في الأَفعال. فقد جاءَ في الصحيح:"إِنمَّاَ أنَا بَشَرٌ: أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإذَا نَسِيتُ فَذَكَّرُونِى".