جاءَ في الصحيح أَيضا: أن صحابيا اسمه ذو اليدين. قال للنبي ﷺ بعد أَن سلَّم من ركعتين في صلاة رباعية:"أَقَصُرَتِ الصَّلاة أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: كُلُّ ذَلِكَ لَم يَكُنْ. فقال ذو اليدين: بل بَعْضُ ذلك قَدْ كان. فَقَالَ ﷺ: أَحَقٌّ ما يَقُولُ ذُو اليَدَيْن؟ فَقَالُوا: نعَم. فَأَتمَّها أربعًا".
ومع إجازتهم النسيان عليه ﷺ في الأَفعال، فقد أَجمعوا على استحالته عليه في الأقوال التي عليه تبليغها.
وفي الموضوع تفصيلات مفيدة، يرجع إليها في المبسوطات.
ذكر بعض الفسرين - في سبب نزول هذه الآية - أَن المسلمين قالوا: لئن كان علينا أَن نخرج من الحرم كلما استهزأْوا بالقرآن، لم نستطع أَن نستقر في المسجد الحرام، ونطوف، فنزلت، والأخذ بهذا السبب، يقتضي نسخَ الأمر بالإعراض عن الخائضين، وتَرْكِ مجالستهم حين الخوض في الآيات، ويرخص في مجالستهم لحاجة المسلمين إلى العبادة في المسجد الحرام، الذي يجلس فيه الخائضون، ويوجب عليهم أَن يذكروهم حين يسمعونهم يخوضون.
ورجح الإِمام القشيرى، عدم النسخ هذه الآية. وذهب إِلى أن معناها كما يلي:
وما على الذين يتقون من حساب الخائضين شيء إِن أَعرضوا عنهم، ولكن عليهم - مع ترك مجالستهم - أن يُذَكِّروهم ويعظوهم.
وهذا المعنى هو الذي نرتضيه تفسيرا للآية الكريمة.
فإن سبب النزول المذكور، لم يرد بسند صحيح.
وعلى هذا الرأى، يكون الإعراض عن مجالسة الخائضين واجبا. ويُضَمُّ إليه وجوب تذكير أولئك الخائضين قبل الانصراف عن مجلسهم.