للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

: إرشادًا لقومه إلى أن يطلبوا الهداية من الله تعالى لئن لم يُرشدْنى ربي إلى الحق ويُثبِّتْنى عليه - لأَكونن من جملة القوم الذين بعُدوا عن الصراط المستقيم.

ولكن هذا الاستدلال أيضا، لم يثمر في عقولهم المستغلقة، فانتقل إلى استدلال آخر:

٧٨ - ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾:

أَي فحين أبصر ابرَاهيم الشمس، مبتدئة في الظهور والطلوع، قال مشيرا إلى الشمس: هذا الذي أبصره هو ربي - وهو أَكبر من الكوكب والقمر - قال ذلك ليشد انتباههم إِلى التأمل والنظر، في التفسيرات الكونية، حتى يصلوا منها إلى معرفة الإله الصانع القدير، المدبر الحكيم.

﴿فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾:

أي: وحين غابت الشمس وحُجبَت عن أَعينهم، قامت عليهم الحجة، لكنهم لم يؤمنوا بالإِله الخالق المدبر لشئون الكون - فأَعلن إبراهيم حينئذ، لقومه براءته من جميع معبوداتهم الحادثة المتغيرة، التي كانوا يشركونها مع الله في العبادة.

ولما أَبطل - بالأدلة السابقة - ما كانوا يعبدون من دون الله، وأَعلن براءته منها، انتقل ، إلى إعلان الإيمان الذي استقر في قلبه حقا ويقينا. فقال:

٧٩ - ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾:

أَي: إني جعلت قصدى واتِّجاهى - بعد ظهور الحق - لعبادة الذي انشأَ السموات والأرض وما فيهمَا.

﴿حَنِيفًا﴾:

مائلا عن الاعتقادات الباطلة، إلى عقيدة التوحيد المؤيدة بالدلائل.

﴿وَمَا أنَا مِنَ الْمُشْركِينَ﴾:

أى: ولست من من الذين أَشركوا مع الله بعض مخلوقاته في عبادته.

وبذلك ثبت أن إبراهيم ليس مع قومه في عقيدتهم.