أي: وما يعلمكم - أَيها المؤمنون - أَن الآيات التي طلبها المشركون - إذا جاءَت - كما طلبوا - لا يؤْمنون بما دعاهم إِليه الرسول ﷺ؟
وقد بين الله - بهذه الجملة - أَن أَيْمَانُهم فاجرةٌ. وأَنهم لا يؤْمنون إذا حُقِّق لهم ما طلبوه.
وإِنما خاطب الله المسلمين بقوله: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾؛ لأَنهم تَمَنَّوْا تحقيقها ومجيئها، طمعا في إيمانهم.
وكأَن الله تعالى، يقول لهم: أنتم لا تعلمون أَنهم لا يؤْمنون بعد مجيئها. فلذلك تمنيتم تحقيقها، طمعًا في إيمانهم. فكأَن الله تعالى - إذ يقول - يبسط عذر المسلمين في تمنيهم.
معطوف على قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ داخل معه في حكم ما يشعركم مقيَّدٌ بما قُيد به.
والمعنى: وما يشعركم أَيها المؤْمنون، أَننا نقلب ونحول قلوبهم عن الحق فلا يعرفونه. ونقلب كذلك أبصارهم عن معالمِهِ فلا يبصرونه، ولا يؤمنون به. كما لم يؤْمنوا به أَول مرة حينما جاءَهم القرآن. والآيات السابقة. ونحن نتركهم في طغيانهم يتحيرون، فلا يهتدون لفساد طويتهم.
وقد دلّ قوله تعالى: ﴿وَنَذَرُهُمْ في طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ على أَن تقليبه تعالى لأَفئدتهم وأَبصارهم - ليس بطريق الإجبار والقهر - مع توجههم إلى الحق - بل بأَن يُخلَّيَهم وما انطوت عليه نفوسهم من الطغيان، ونعوذ باللهِ من ذلك.