للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذلك أَنهم كانوا يعتقدون أَن الله هو الإِله الأَعظم. وأَن هذه الآلهة إِنما يعبدونها، ظنًّا منهم أَنها تقربهم إِلى الله زلفى. كما أَخبر الله عنهم بقوله:

﴿ … مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ (١).

وكانوا يحلفون بالأَصنام والآباءِ وغير ذلك.

وكانوا إِذا حلفوا باللهِ سموه جهد اليمين. ذكر ذلك القرطبى.

والمعنى: وأَقسموا بالله - جاهدين في أَيمانهم، بالغين فيها غاية الطاقة - لئن جاءَتهم معجزة كونية من جنس آيات المرسلين السابقين، ليؤْمِنُن بها ..

ولا ريب أَن طلبهم هذه الآيات، ناشئ عن تماديهم في العناد، فإِن القرآن: هو الآية العلمية التي تخضع لها شم الجبال، وتلين لها الصخور.

وكان عليهم - لو كانوا طلاب حق - أَن يؤمنوا بها، ويقفوا عند حدودها.

فكيف وقد انضم إِليها عديد من المعجزات الكونية: كانشقاق القمر، وحنين الجذع، وتَبْع الماء من بين أَصابعه الشريفة، ونزول المطر، ورفعه؛ بدعائه .

ولهذا، لم يستجب الله لما طلبوا، وأَمر نبيَّهُ أَن يغلق باب اقتراح الآيات. فقال:

﴿قُلْ إنَّمَا اْلآيَاتُ عِندَ اللهِ﴾:

قل أيها الرسول لهؤُلاءِ المقترحين: إِنما الآيات عند الله، فهو صاحب المشيئة والأَمر في شأْنها: يتصرف فيها كما يريد حسب حكمته البالغة. وليس لأَحد مشيئة فيها ولا قدرة عليها حتى يمكننى أَن أُحققها لكم بأَى وجه من الوجوه. وقد حقق لكم من الآيات ما ينبغي لتأْييد رسالتى. فسؤالكم آيات أُخرى، ما هو إلا مكابرة وعناد.


(١) سورة الزمر، من الآية: ٣