ببيان أَن الله هو الخالق لكل شيءٍ: من النبات والحيوان. وأَنه أَحلَّ من ذلك ما أَحلَّ وحرم منه ما حرم، على مقتضى حكمته. خلافا لما أَحلوه وحرموه بأَهوائهم.
والمعنى: هو الله الذي خلق بساتين مختلفة: بعضها مرفوعاتٌ على ما يحملها من العرائش، كبعض الكروم، وبعضها متروكاتٌ بدون عرائش.
﴿وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ﴾:
أَي: وأَنشأَ النخل والزرع مختلفا ثمره وحَبُّهُ: في الهيئة، وفي الطعم.
﴿وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾:
أَي: وأَنشأَ ﷾ الزيتون والرمان: متشابها في الثمر والشكل والهيئة والطعم، واللون والحجم. وغير متشابه في ذلك. إِبداعا في الخلق والإِعجاز.
﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾:
هذا أَمرٌ أَباح الله به التناول من ثمر ما ذكر مطلقا، قبل تمام نضجه. بشرط عدم الضرر أو بعده وقبلَ البيع، لعدم تعلق حق شرعى به.
قال بعض الفقهاءِ: إِنه رخصة للمالك في الأَكل منه قبل أَداءِ حق الله تعالى فيه، لكن بقدر ودون توسع في الأَكل.
ويلاحظ أَن المقصود بأَكل الطعام قبل نضجه، هو تناول نحو القول الأَخضر والباقلاءِ والفريك، ونحو ذلك.
﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾:
الأمر هنا، للوجوب، بخلاف الأَمر في قوله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾ فهو للإباحه كما سبق بيانه. ولا يمتنع في الشريعة اقتران المباح والواجب، عندما تقوم الأدلة على توجيه كل منهما الوجهة التي يستحقها.
واختلف العلماء في المراد من: حق الزرع والثمر يوم حصاده، في الآية الكريمة.
فمنهم من حمله على الزكاة المفروضة … وعلى هذا الرأْى كثيرون، منهم ابن عباس وأَنس بن مالك، والحسن. ونقل عن مالك وأَبي حنيفة، وبعض أَصحاب الشافعى رضوان الله عليهم. وقد التزم أَصحاب هذا الرأْى بالقول: بأَن هذه الآية مدنية.