﴿وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾.
أي وإذا فرغ وخلا بعض اليهود - وهم الذين لم يظهروا النفاق - إلى بعض آخر-
وهم المنافقون منهم- بعدما سمعوهم يحدثون المؤمنيين ببعض ما كتموه من التوراة ﴿قَالُوا﴾
-لائمين لإخوانهم المنافقيين منكرين عليهم: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾: أتخبرون
المؤمنين بما فتح الله عليكم من أبواب العلم التي كتمناها عنهم كالبشارة بالنبي وعلاماته،
وأخذ ألميثاق على أنبيائهم بالأيمان به، وتبليغ أُممهم أَن يؤمنوأ به وأن ينصروه إن أدركوه،
- أتحدثونهم بذلك- ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ - أي ليقيموا عليكم به الحجة في كتاب ربكم وشرعه؟
وقيل المراد بقوله: ﴿عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ يوم القيامة، أي ليحاجوكم به يوم القيامة توبيخًا لكم، وزبادة في فضيحتكم على رءُوس الأشهاد؟
وهذا الرأى غير مقبول، فإنهم عالمون بأنهم محجوجون بما في كتابهم يوم القيامة: حدثوا به أو أخفَوه، فلا وجه لتوبيخ اخوانهم على اظهاره للمؤمنين. إِذاكان أن المراد بقوله ﴿عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ يوم القيامة.
روى عن ابن عباس أن ناسا منهم أَسلموا. ثم نافقوا. فكانوا يحدثون المؤمنين بما عذب به آباؤُهم، فقالت لهم اليهود: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم، أي بما حكم به عليكم من العذاب، ليقولوا نحن أَكرم على الله منكم؟
نقله القرطبى، وقدمه على ما سواه من الآراء.
﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ خطر هذا الفعل علينا وعليكم؟
والتعبير بالفتح فى قولهها: ﴿بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ الإيذان بأَنه سر مكتوم، وباب مغلق فى وجه غيرهم، فلاينبغى أن يطلع عليه سواهم.
ثم وبخهم الله -تعالى- وجهّلهم، وأنكر عليهم هذا التلوُّن والنفاق في الدين فقال:
٧٧ - ﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾؟
أَي أَيلومونهم على التحدث: بما فتح الله عليهم، مخافة أَن تقوم عليهم الحجة، ولا يعلمون أن الله- ﷾-محيط بما يسرونه من أقوالهم عن الؤمنين، ومايعلنونه