للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى - مالك يوم الدين، الذي يقضى فيه بدخول الجنة والنار، ولا معقب لحكمه.

ولذا أمر الله نبيه أن يرد عليهم موبخًا ومبكتًا بقوله: ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا﴾.

بأن النار لن تمسكم إلا أيامًا معدودة؟!

والاستفهام في ﴿أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا﴾ للإنكار والنفى، أي: لسنتم على .. عهد من الله بما تدعون.

أما قوله تعالى: ﴿فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ﴾ فهو جواب شرط مقدر، أي إن صح أن لكم عهدا عنده -تعالى- بما قلتم، فلن يخلف الله عهده. وإِظهار لفظ الجلالة في موضع الإضمار؛ للإشعار بعلة الحكم. فإن عدم الخلف في العهد من أَحكام إلأُلوهية.

ثم أكد توبيخهم على ما افترَوه على الله فقال: ﴿أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي بل أتقولون على الله ما لا دليل لكم عليه، فأنتم تفترون على الله الكذب ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ (١).

وإنما وبّخهم على قولهم على الله ما لا يعلمون وقوعه- مع أن ما أسندوه إليه يعلمون أنه لم يقع- للمبالغة في التوبيخ والنكير. فان التوببخ على الادنى مستلزم للتوبيخ على الأعلى بالطريق الأولى.

ثم أبطل الله دعواهم على وجه أعم وأشمل، لهم ولسائر الكفرة بقوله:

٨١ - ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾

أي بلى: تصيبكم النار فيصهر بها ما في بطونكم والجلود، أنتم وغيركم ممن سار سيرتكم، وأحاطت به خطيئته مثلكم، وتلازمكم وإِياهم النار خالدين فيها، لأَن القانون الإلهى العادل، الذي شرعه رب العالمين: أن من كفر بالله، وعمل السيئات، واستولت عليه الخطايا حتى صار لا يخلو منها، فأُولئك أصحاب النار، أي الملازمون لها في الآخرة. هم فيها خالدون لا يبرحونها.


(١) الزمر:٦٠.

<<  <  ج:
ص:  >  >>