أَي لعنة الله على الظالمين، الذين يصرفون الناس عن سبيل دينه القويم، ويصرفونهم عن الإيمان به، بإلقاءِ الشبه في أدلته، ويطلبون لها العوج، بأَن تكون على هواهم: تقرّ الشرك، وتدعو إلى ما هم عليه من باطل. وهم بالآخرة كافرون، فلا يُقِرُّون ببعثٍ ولا جزاءٍ.
المراد بالحجاب: السور الذي يفصل بين الجنة والنار، ويمنع أَثر كلتيهما عن الأُخرى ....
وشئون الآخرة لا تقاس بشئون الدنيا .. والأَعراف: أَعالى الحجاب الذي ضرب بين الجنة والنار وهي جمع عُرْف. وهو المكان المرتفع من الشئِ. أَي أَعلى موضع منه. فهو أَعرف ممّا انخفض منه. ومنه عُرف الديك. وعرف الفرس.
والمعنى: وبين الجنة والنار، سور يحجب أَثر كلتيهما عن الأُخرى. وعلى أَعالى هذا السور، رجال يعرفون كلا من أَهل الجنة والنار في المحشر بسيماهم - أي بعلاماتهم المميزة لهم.
واختلف في هؤُلاءِ الرجال الذين يعتلون الأَعراف.
فقيل: هم من الموحدين: "قصرت بهم سيئاتُهم عن الجنة، ومنعتهم حسناتُهم من النار: فجعلوا هناك، حتى يقضى بين الناس. فبينما هم كذلك، إِذ اطلع عليهم ربُّهم، فقال لهم: قُومُوا فادْخُلُوا الجنة فَإنِّى غَفَرْتُ لَكُمْ" أَخرجه أَبوَ الشيْخ والبَيْهَقِىّ من حُذَيْفة.
وإلى هذا. ذهب جمع من الصحابة والتابعين.
وقيل: هم الأَنبياءُ،﵈: أجلسهم اللهُ على أَعالى ذلك السور، تمييزًا لهم عن سائر أَهل القيامة، وإظهارًا لشرفهم وعُلُوِّ مرتبتهم.
وقيل: هم عدول الناس من كلِّ أمة. جعلهم الله شهداءَ على أَعمال أَقوامهم.