للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: قال هود لعادٍ - حين أَصرُّوا على الكفر وطلبوا إِتيان العذابِ الذي توعَّدهم به - قال: قد وجب واستحق عليكم عذاب وغضب من ربّكم، حتَّى كأَنه نزل بكم ووقع فعلا.

﴿أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾:

كثيرا ما يطلق الاسم على المسمَّى. ومنه قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ (١): أَي تبارك ربك وتعالى عن الشبيه والنظير.

ومن إطلاق الاسم على المسمى ما جاءَ في هذه الآية الكريمة.

والمعنى: أَتخاصموننى وتنازعوننى - بقوّة - في أنصاب وأَوثان سمَّيتموها آلهةً، وليس فيها من مصداق هذه التسمية أي دلالة؟ إِذ المستحق لهذه التسمية هو الموجد لهذا الكون، الخالق له، المدبر لأَمره!

أَما هذه الأَنصاب، فهي مخلوقة وليست بخالقة، عاجزة وليست بقادرة .. فكيف زعمتم ألوهيتها، وجادلتمونى فيها، مع أَن الله تعالى هو المستحق للأُلوهية وحده، ولم ينزل سلطانا أَو حجة بعبادتها والتقرب بها إِليه؟!

﴿فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾:

وحيث كنتم مصرِّين على عبادتها - بدون سلطان ولا برهان - فقد وجب عليكم عقاب كفركم باللهِ وعصيانكم لرسوله. فانتظروا هذا العقاب، إني معكم من المنتظرين وقوعه.

٧٢ - ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾:

بعد أَن أَنذرهم هود بأَن عقاب اللهِ آتٍ لا محالة، وأَنَّ عليهم أَن ينتظروه - نَزَل العذاب بهم، فأَنجاه الله والذين آمنوا معه - برحمة منه، واستأَصَل جميع الكافِرينَ بآياتِ اللهِ، فلم يُبْق منهم أَحدا. فإن قطع الدابر كناية عن إِهلاك الجميع.


(١) آخر سورة الرحمن.