وفائدة ذكر قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ بعد قوله: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ الإيذان بأَنهم لو كانوا مؤْمنين، لما أهلكهم اللهُ. بل كان ينجيهم كما نجَّى المؤْمنين.
ويجوز أَن يكون المراد وما كان ينتظر منهم الإيمان.
وخلاصة ذكره المفسرون والمؤَرخون من قصة عاد: أَنهم كانوا يسكنون بأَحقاف اليمن، وأَنهم تبسَّطوا في البلاد ما بين عُمَان وحضرموت. وكانت لهم أصنام يعبدونها.
فبعث اللهُ إِليهم هودا، وكان من أَفضلهم حسبًا، فكذَّبوه وازدادوا عتوًا، وتجبّرًا وأَمسك اللهُ المطرَ عنهم ثلاث سنواتٍ، حتَّى جهدوا - وكان أهل هذه الأَقاليم إِذا نزل بهم بلاءٌ لجأُوا إلى البيت الحرام، وطلبوا من الله أَن يُفرجه عنهم .. وكان أَهل مكة - وقتئذ - هم العماليق، من أَولاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح ﵇. وسيّدهم معاوية بن بكر، وكان يسكن بظاهر مكة خارج الحرم. فنزل به وفدُ عادٍ. وكانوا سبعين من أشرافهم، وقد جاءُوا يطلبون من اللهِ الغيثَ ورفعَ القحطِ عنهم. فأنزلهم معاويةُ بن بكر عنده وأكرمهم. وكانوا أَخواله وأصهاره، فأَقاموا عنده شهرا يشربون الخمر، ويسمعون غناءَ القِيان، وشغلوا عمّا جاءُوا من أَجله.
وكان معاوية يستحيى أَن يكلمهم، خشية أن يظنُّوا به ثقل مُقامِهم عليه، فأوعز إلى إحدى القينات فغنَّتهم بما ذكَّرهم ما حاءُوا من أَجله. فقال بعضُهم لبعضٍ: إن قومكم بعثوا بكم لِتَتَغوَّثُوا لهم من البلاء، فأبطأْتم عليهم!!!
فدخلوا الحرم. وقال رئيسُهم: اللهم اسقِ عادًا ما كنتَ تسقيهم. ولكنهم حقَّت عليهم كلمةُ اللهِ بما عصَوا رسولَهم هودًا واستعجلوا العذاب. فأَنشأَ اللهُ لهم سحائب ظنوها مطرا، خرجت على عاد من وادٍ .. يقال له: المغيث .. فقالت عادٌ: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ بينما كان هو العذاب الذي استعجلوا به، فهو ريحٌ عقيم. فيها عذاب أَليم: تدمرَّ كلَّ شيءٍ بأمر ربها .. سخَّرها الله عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام حسوما. فأَهلكتهم جميعًا. فأصبحوا لا تُرى إلا مساكنُهم.