للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيما يلي قصته مع أهل مدين.

﴿قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾:

هذه دعوة إِلى توحيد اللهِ ﷿ وهي دعوة الرسل جميعا .. فيما من نبىًّ إلاَّ دعا قومه إلى توحيد الله تعالى، ونبذ عبادة غيره، وإِفراده بالعبادة. قال تعالى:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ (١).

﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾:

أي وقال لهم: قد جاءتكم حجة واضحة ومعجزة ظاهرة، شاهدة على صدق نبوتى من ربَّكم، ومالِك أُموركم.

ولم تُذْكَرْ معجزتُه في القرآن، كما لم تُذْكَرْ معجزاتُ بعض الأَنبياءِ عليهم الصلاة والسلام.

ويكفى أن الله أخبر بمجيئه بالبينة. الواضحة لهم.

أَمَّا تعيينُها بشخصها، فلا ضرورة تدعو إليه.

﴿فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾: بعد أَن أَمرهم شُعيب بتوحيد الله، وعظهم بالحفاظ على حقوق الناس، بإيفاء الكيل والميزان. ثم قال لهم:

﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾: أي ولا تنقصوا الناس أَشياءَهم، بأَخذها على وجه البَخْسِ. وهو النقص فيها خفيةً وتدليسًا.

ويدخل في البخس، وصفُ الأشياءِ بما ينقص قيمتَها، ويصرفُ الناسَ عنها. ويدخل فيه أَيضا نقصُ الكيل والميزان عند البيع، والمبالغة في استيفائه عند الشراءِ، وغير ذلك مما يسلب الحقوق.

﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾: أَي ولا تفسدوا في الأرض بالجور والكفر بعد إصلاح شأْن أَهلها بالشرائع التي جاءَ بها الأَنبياءُ - عليهم الصلاة والسلام -.

﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾:

أي ذلكم المذكور من العمل بما أَمركم به الله تعالى، من توحيد الله، وإِيفاءِ الكيل والميزان، وترك ما نهاكم عنه من البخس والإفساد في الأَرض - خير وزيادة لكم في كل شئٍ، لأَن الناس إِذا عرفوكم بالأَمانة والصدق والوفاءِ، رغبوا في معاملتكم لثقتهم فيكم.

﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾: أي إِن كنتم مصدَّقين لي فيما دعوتكم إليه، من توحيد الله تعالى، والعمل بسائر ما شرعه الله لكم من الأَحكام.


(١) سورة الأنبياء، من الآية: ٢٥