أَي آثروا متا عها من نحو الرياسة والمال، وكل ما ينتفعون به من حظوظ عاجلة:
آثروه على نعيم الآخرة. فأَعرضوا عنها، وتركرا شرح الله. مع علمهم أن متاع الدنيا قليل. وأَن الآخرة خير للمتقين.
والإِشارة إِلى المذكورين بأَوصافهم، فيها بيان أن تلك الأوصاف هي السبب فيما توعدهم الله به.
وليس فيما صنعوا شراءُ وبيع على الحقيقة، ولكنهم لما جعلوا حظوظهم من نعيم الآخرة المقيم، بدلا لما تمتعوابه في الحياة الدنيا الفانية.
شبهت حالهم هذه بحال من يشترى شيئًا هينا، ب بثمن خطير عظيم، من حيث عدم تكافؤ قيمة البدل والمبدل منه فى كل. فإنهم لما كفروا ببعض أحكام التوراة، كان ثمنهم على هذا الكفر مرضاة حلفائهم، وبعض المنافع الدنيوية التافهة- على رأى- أو بقاء رياستهم الدينية فى قومهم - على رأى آخر- وكلا هما متاع الحياة الدنيا الذي لايساوى سيئًا بجانب نعيم الآخرة المقيم.
﴿فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾: أىَ كل هؤلاء الذين تقدم ذكرهم- وقد آثروا متاع الدنيا عوضًا عن نعيم الآخرة- لا يخفف عنهم العذاب يوم القيامة، ولا يُقطع عنهم، ثم لا يجدونا نص هيرا يدفع عنهم- بقوته أو بشفاعته- ما وقعوا فيه من أشد العذاب، لأن أعمالهم قد سدت عليهم جميع أبواب الرحمة، فهم في العذاب الشديد خالدون.