أَي: فسأَجعل رحمتى في الآخرة، للذين يحفظون أَنفسهم من المعاصي؛ بحيث لو أَصابوها تابوا إِلى ربهم، وأَجعلها للذين يؤدون الزكاة لمستحقها.
وخصت الزكاة بالذكر مع شمول التقوى لها لثقل إِخراجها على النفوس، إِذ المال عِدْل الروح وسأَجعل رحمتى الواسعة للذين يستمرون على الإِيمان بآياتنا كلها.
وفي الآية تعريض ببنى إِسرائيل إِذ كانوا لا يتقون الكفر والمعاصي ولا يخرجون الزكاة لشدة حرصهم على المال، كما كانوا يكفرون بآيات الله العظام التي جاء بها موسى ﵇.
ثم أَكمل القرآن الكريم أَوصاف المتقين الذين وعدهم الله بالحياة الرغيدة في الدنيا والنعيم في الآخرة بقوله تعالى:
أَي: هؤُلاء المتقون الذين وعدهم برحمته وفضله هم الذين يتبعون محمدا ﷺ - النبىَّ - الذي جاء بأَكمل الاعتقادات والأَعمال والأَخلاق - الأُمىَّ - الذي لم يمارس القراءة والكتابة ولم يجلس إِلى معلم ولم يخط بقلم ومع ذلك فقد جمع الكتاب الذي جاءَهم به علوم الأَولين والآخرين، قال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ … ﴾ والأُمى نسبة إِلى الأُم كأَنه باق على حاله التي ولد عليها.
﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ في التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾:
أَي أَن الله تعالى يكتب رحمته للذين يؤمنون بالنبي محمَّد ﷺ من اليهود والنصارى: يؤمنون بهذا النبي الذي يجدونه مكتوبًا باسمه ونعوته عندهم في التوراة والإِنجيل التي كتمها الكافرون منهم، أو أَساءُوا تأْويلها.
ثم شرع القرآن الكريم يفصل بعض آيات محمَّد وعلاماته في التوراة والإِنجيل فقال: