أَي يأْمرهم النبي الأُمى عن الله تعالى ويكلفهم بفعل كل ما عرفته الفطر السليمة وأَقرته واستحسنته، فإِن فيه خير الدنيا وسعادة الآخرة، وينهاهم عن فعل كل ما أَنكرته الفطر السليمة ونفرت منه، فإِن فيه خسران الدنيا والآخرة.
﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ﴾:
أَي: ويبيح لهم ما حرم عليهم بسبب ظلمهم ومعاصيهم كالشحوم.
﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾:
أَي: ويحرم عليهم كل ما هو خبيث وضار مما كانوا يتناولونه كالدم والميتة ولحم الخنزير، أَو يفعلونه كالربا والرشوة ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾: أَي ويخفف عنهم ما ثقل عليهم من التكاليف الشاقة كتعيين القصاص في القتل العمد والخطأ من غير شرع الدية، وكقطع الأَعضاء الخاطئة وإِحراق الغنائم.
﴿وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾:
أَي ويخفف عنهم كذلك الشروط المحرمة والمواثيق الشديدة التي كانت في شريعة موسى ﵇ لتناسب ظلم بنى إِسرائيل وطغيانهم وغلوهم في الفساد والضلال.
والأَغلال جمع غُل وهو في الأَصل ما يوضع في العنق أَو اليد من الحديد يستعار للمواثيق الشديدة والتكاليف الشاقة.
ثم أَرشد الله تعالى إِلى كيفية اتباع محمَّد ﷺ وبيَّن علوَّ منزلة أَتباعه فقال: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾: أَي فالذين آمنوا بنبوة محمَّد ﷺ وصدقوا برسالته وأطاعوه فيما أَمر ونهى من اليهود وغيرهم وعظموه ووقروه وأَعانوه بمنع أَعدائه عنه ونصروه على أَعدائه في الدين واهتدوا بهدى القرآن الذي أَنزله الله مع نبوته ليضئ الطريق أَمام السالكين: وسُمِّى القرآن نورًا لكونه ظاهرا واضحا في آياته، مظهرا للحقائق كاشفا لها، يهدى متبعه إِلى العقيدة السليمة والعمل الصالح، كما يهدى النور الحسى من يتبعه إِلى سواء السبيل.
ولا يقال: القرآن نزل مع جبريل فما معنى أنزل معه؟ لأَن المعنى أَنزل مع نبوة محمَّد ﷺ كما تقدمت الإِشارة إِليه، لأَنها كانت مصحوبة مشفوعة به.