للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: ومن قوم موسى جماعة يهدون الناس بهدى الحق، وبالحق يعدلون في الأَحكام الجارية فيما بينهم، وذلك قبل أَن يبدلوا توراتهم، ويدخلوا فيها ما لم ينزله الله تعالى بها، فقد كان فيها هدى ونور حينئذ، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ .. ﴾ الآية (١). وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ الآيات (٢).

ويجوز أَن يكون المراد بهم من آمنوا منهم بمحمد وأَن يكون المراد بتلاوتهم آيات الله تلاوة القرآن الكريم، وهذا هو الظاهر.

١٦٠ - ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا﴾:

شروع في بيان بعض النعم التي أَنعم الله بها على قوم موسى، برهم وفاجرهم واعلم أَن السبط في اللغة معناه ولد الولد، ولما كان بنو إِسرائيل هم ذرية أَولاد إِسرائيل (٣) الاثنى عشر، فلذا أطلق عليهم أَسباط، لأَنهم أَولاد أَولاده، وقد شاعت هذه التسمية فيهم حتى أَصبحت حقيقة عرفية، وهي فيهم كالقبيلة في ولد إِسماعيل .

والمعنى: وصيرناهم اثنتى عشرة أُمة، كل أُمة منهم ترجع إِلى ولد من أَولاده الاثنى عشر فكانوا لهذا أَسباطًا له، أَي أولادًا لأَولاده هؤلاء ..

وتأنيث اثنتى مع أَن المعدود مذكر وهو أَسباط، لتفسيره بالأُمم ولأَن الجمع يؤنث وصفه وكذا فعله الذي يسند إِليه.

﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾:

كان العطش قد استبد بقوم موسى، وهم في التيه، فاستسقوه - أَي طلبوا منه أَن يدعو الله تعالى أَن يسقيهم الماء الذي لم يجدوه في صحراء التيه - فاستسقى موسى ربه بأَن دعاه أَن يمن على قومه بالماءِ ليشربوه حتى لا يهلكوا عطشًا، فأَوحى الله إِليه أَن اضرب


(١) سورة المائدة: الآية ٤٤
(٢) سورة آل عمران: الآيات ١١٣ إلى ١١٥
(٣) إسرائيل هو يعقوب .