للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ﴾: من أولئكم الرسل ﴿بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ﴾:

من الحق المبين ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾: على الاستجابة له ﴿فَفَرِيقًا﴾: منهم ﴿فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾: غير مكتفين بتكذيبهم.

والاستفهام للانكار والتوبيخ على موالاة تكذيب الرسل وقتل بعضهم.

وفي الآية التفات من الغيبة في قوله تعالى: ﴿فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾،

إلى الخطاب في قوله: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ … ﴾

والآية لتشديد النكير عليهم، والإِيذان بأن المعاصرين للرسول منهم على نهج أَسلافهم، من التكذيب والفجور.

فقد كذبوا محمدا- وحاولوا قتله.

ولقد ذكرت الآية الكريمة أن السبب في ضلالهم هو: الاستكبار والاستعلاءُ. فهذا الاستكبار جعل هواهم هو المتحكم فيهم، فلا يتبعون إلا ما يناسب هوهم، حتى جعلوه إلهم فأداهم ذلك إلى أن يكذّ بوا النبيين أويقتلوهم، إن تمكثوا من قتلهم.

وعبر فى جانب القتل بالفعل المضارع فقال ﴿تَقْتُلُونَ﴾ ولم يقل: قتلتم، كما قال كذبتم،

استحضار لصورة قتل الأنبياء أمام السامع، وجعله كأنه ينظر إليها بعينه، فيكون إنكاره

لها أَبلغ، واستفظاعه لها أَعظم.

وعقب الله هذه الجنايات بأُخرى: حكاها عنهم بأُسلوب الغيبة -إعراضًا عنهم -

فقال سبحانه.

٨٨ - ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ … ﴾ الآية.

أَصر اليهود على العناد والكفر، وعدم الاستماع إلى ما يد عوهم إليه الرسول معللين عدم إيمانهم، بأَن قلوبهم، مغشاة بأَغطية لا ينفذ منها إلى قلوبهم ماجاءَ به - صلوات الله عليه- حتى تفقهه عقولهم، على حد قول ومشركي مكة ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ (١) يعنون أَن


(١) فصلت: ٥.

<<  <  ج:
ص:  >  >>