للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد كان تمسكهم بكتابهم على هذا طريقًا إِلى إِيمانهم بالنبي وبما جاء به من عند الله تعالى، وذلك أَنهم رأَوا ما فيه من أَوصاف خاتم النبيين، فوجدوها منطبقة عليه وعلى ما جاء به من الهدى، فسارعوا إلى الإيمان به، والعمل بكتابه، تمسكًا منهم بكتابهم الذي يوجب عليهم حينما يتحققون من أَمارات نبوته، أَن يسارعوا إِلى الإِيمان به والعمل بكتابه، فهو مهيمن على جميع الكتب السماوية، مشتمل على أُصول ما جاءَ فيها، فمن عمل بالقرآن، فقد تمسك بجميع الكتب السماوية لاشتماله عليها وانفراده عنها بما جاءَ فيه من الفروع المناسبة لحال الأُمة الإِسلامية، التي جعلها الله خير أُمة أُخرجت للناس.

ويئول الأَمر إِلى أَنهم يتمسكون بالقرآن الكريم (١).

وقال عطاء: المراد من الذين يمسكون بالكتاب أمة محمَّد والمراد من الكتاب القرآن الكريم.

ومعنى الآية: والذين يتمسَّكون في أمرهم كله بكتاب الله تعالى ويعلمون بما فيه دائما واهتموا بالصلاة خاصة فأَقاموها في أَوقاتها بأَركانها وشروطها، إِن الله لا يضيع أَجرهم فهم مصلحون، والله لا يضيع أَجر المصلحين.

وتخصيص إِقامة الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات مع دخولها في التمسك بالكتاب: لأَنها تنهى عن الفحشاءِ والمنكر، فإِن من يقف مخلصًا بين يدي ربه خمس مرات في اليوم والليلة يناجيه ويدعوه، يستحى أَن يفعل ذلك وهو مرتكب للفحشاءِ والمنكر، ولهذا اعتبرت عماد الدين (٢).


(١) لأن العمل بالتوراة بعد نزول القرآن قد نسخ بوجوب العمل بما في القرآن، فقد اشتمل على فروع تناسب مصالح المجتمع بعد بعثة محمَّد إلى يوم القيامة.
(٢) والتعبير عن التمسك بالكتاب بصيغة المضارع (يمسكون) للدلالة على أن التمسك به يجب أن يستمر ويتجدد في جميع الأزمنة، أما التعبير عن إقامة الصلاة بصيغة الماضي (وأقاموا الصلاة) فلأنها مختصة بأوقاتها الخمسة.