بالنبي الذي نجد نعته في التوراة. ويقولون لهم: قد أطل زمان نبى يخرج بتصديق ما قلنا. فنقتلكم به قتل عاد وإرم.
﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾: تكرير للشرط الأول فى قوله ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ﴾
مع تغيير الأُسلوب، وذلك لطول العهد بسبب توسط الجملة الحالية: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ -أي: فلما جاءَهم الكتاب الذي عرفوا أنه من عند الله كفروا به. وإيراد الموصول ﴿مَا عَرَفُوا﴾ دون الاكتفاء بالإضمار بأن يقال لهم: فلما جاءَهم أَي الكتاب إنما جاء ليبان كمال مكابرتهم. فإن معرفتهم لما جاءَهم. من دواعي الإيمان لا الكفر. وقوله ﴿كَفَرُوا﴾ جواب ﴿لمَّا﴾ الأْولى عند المبرد. وقال أبو البقاء هو جواب الأولى والثانيه معًا.
وقيل إِن المراد بلفظ ﴿مَا عَرَفُوا﴾ هو النبي ﷺ واستعمال ﴿ما﴾ فيمن يعلم كثير، كقوله تعالى ﴿والسَّماَءِ وَماَ بَنَاهَا﴾ (١) يعنى ومن بناها. وعلى هذا تكون جملة ﴿كَفَرُوا بِهِ﴾ جوابا عن ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا﴾ أما جواب ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ﴾: فمقَّدرٌ وتقديره: كذبوه. وقد دل عليه جواب الثانية.
والمعنى عليه: فلما جاءَ هم الرسول- ﷺ-الذي عرفوا صفاته ونبوته من التوراة: معرفة لا يخالجها ريب، حسدوه، لأنه من العرب أولاد إسماعيل، وملأ الحسد قلوبهم غيظا، ﴿فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾: الفاءُ لترتيب ما بعدها -من اللعن- على ما قبلها من الكفر، أًى: فلعنة الله عليهم وطرده لهم من حمته وتوفيقه، بسبب كفرهم بما عرفرا أنه الحق، وإصرارهم عليه، وإنما، قال ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ ولم يقل عليهم ليشعر بأن سبب حلول اللعنة بهم هو كفرهم ﴿وَعَلَى﴾ تفيد استعلاءَ اللعنة عليهم وشمولها لهم.