بعد أَن أَمرنا الله تعالى بالاستماع والإِنصات لتلاوة القرآن، أَمرنا بذكره تعالى بصفة عامة، تزكية للنفس.
أَي واذكر ربك أَيها المسلم في نفسك بينك وبين ربك، بعيدا عن الرياءِ والسمعة: متذلِّلًا، خاشعا لربك، خائفا من عذابه، واذكره بلسانك ذكرا وسطا بين السر والجهر: كما تذكره في نفسك، وليكن ذكرك له في الغدو والآصال، أَي في أَول النهار وآخره، والمراد بهما هنا جميع الأَوقات، حسبما يتيسر للذاكرين، ثم ختم الله الآية الكريمة بقوله: ﴿وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾: أَي ولا تكن أَيها المسلم من جملة الغافلين عن ذكر ربك بأَن لا تذكره تعالى، أَو بأَن تكون غائب القلب حين الذكر.
أَي: إِن الملائكة الذين هم في مكان الرفعة عند ربك، والقرب من رضاه، لا يستكبرون عن عبادته، بل يؤدونها حسبما أُمروا بها كاملة وافية كما أَمر الله، وينزهونه عن كل ما لا يليق به سبحانه، وله وحده يخضعون. ويتذلَّلون.
والمقصود من ذكر الملائكة حث البشر على أَن لا يستكبروا عن عبادته، ولا يقصروا في أَدائها في أَوقاتها، فإِنهم أَولى بالتزلف إِلى الله لشدة احتياجهم إِلى عفو الله عن ذنوبهم، من الملائكة الذين خلقوا للطاعة: ﴿لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.