بدل التوحيد الذي تقتضيه البينات التي جاءكم بها. وأى ظلم أعظم من هذا ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ (١).
والتعبير بالجملة الاسمية: ﴿وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾ فيه دلالة على ثبات الظلم واستقرار. فيهم، وأنه شأْن من شئونهم.
ولقد سبق التبكيت باتخاذهم العجل في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ﴾ وأعيد هنا بعبارة أُخرى في سياق آخر، وهو أن الآيات البينات الدالة على النبوة والوحدانية. لم تزدهم إلا إيغالا في الشرك وانهماكما في الوثنية ﴿ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾: أي ثم اتخذتم العجل من بعد مجيء موسى بالبينات على رسالته. وصحة ما دعاكم إليه من: توحيد الله بالعبادة.
والتعبير بقوله ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾ يفيد أنه لم يكن لهم عذر في ذلك الاتخاذ. فإنه بعد بلوغ الدعوة، قامت الحجة عليهم. وخاطب الحاضرين لأنهم يسيرون على نهج أسلافهم ويعتزون بانتمائهم إليهم فيهم في الكفر جميعًا سواء.
واذكروا يا بني إسرائيل إذ أَخذ الله العهد المؤكد عليكم بأن تعبدوه -سبحانه وحده- ولا تشركوا به شيئًا، وإن تعملوا بشرعه. وكان أخذه الميثاق: عليكم، في موقف كله رهبة وخشوع: بيان لقدرة الله تعالى. على عقاب من لم يمتثل، إذ رفع فوقكم جبل الطور كأَنه ظلة، تظلكم، وظننتم أنه سيقع عليكم، وطلب منكم حينئذ، أن تَأْخذوا ما آتاكم الله من الشرع بقوة: بأن تسمعوه سماع تدبر وفهم وقبول. وتعملوا بما جاءَكم فيه من التكاليف بحزم وعزم. ولكنكم لم تلبثوا أن نقضتم العهد. بمجرد أن زال عنكم هذا الموقف