للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رمضان المبارك من السنة الثانية للهجرة وأَصحاب رسول الله يومئذ ثلثمائة وبضعة عشر رجلا والمشركون ما بين ألف وتسعمائة فهزم الله المشركين وقُتل منهم سبعون وأُسر منهم مثل ذلك، وانتصر الإِسلام على الشرك وأَصبحَت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى: ومن هنا سمى يوم الفرقان، والإِضافة في (عبدنا) لتشريف رسول الله حيث نسبه إِليه تعالى بالعبودية له، ثم ختمت الآية بقوله سبحانه:

﴿وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾:

ليعلموا أَن نصرهم على أَعدائهم، ما كان يمكن تحقيقه إلا بمعونة الله الذي هو على كل شيء قدير، فقد كانوا قليلى العدد، ولم تكن معهم أَسلحة كافية، ولا مراكب، كما أَنهم لم يخرجوا للقتال، بل لتلقى العير، فلذا يعتبر نصرهم على المشركين من خوارق العادات، التي لا يقدر عليها إِلا الله القادر على كل شيء.

ولما علَّم سبحانه عباده المؤمنين كيفية قسم الغنائم وتوزيعها وبيان المستحقين لها، ذكر شيئًا من نعمه تعالى عليهم في غزوة بدر ليبين أَن عونه تعالى وتأْييده لهم كان ظاهرا في هذه الغزوة حيث خرجوا إِلى هذا المكان لأَخذ العير واجتمعوا على غير ميعاد ولم يكونوا مستعدين للقتال، فقال سبحانه:

٤٢ - ﴿إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ في الْمِيعَادِ﴾:

والمعنى: اذكروا نعمة الله عليكم معشر المسلمين إذ كنتم بشط الوادى القريب من المدينة، والمشركون بطرف الوادى المقابل البعيد عن المدينة، وركب أبي سفيان وأَصحابه أَسفل منكم أَيها المؤمنون، حيث كانوا ناحية الساحل ومعهم عيرهم على بعد ثلاثة أَميال من بدر.

﴿وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ في الْمِيعَادِ﴾:

أَي ولو تواعدتم مع المشركين على القتال، ثم علمتم ضعفكم وقوتهم، لاختلفتم أنتم في الميعاد، هيبة منهم، ويأْسا من الظفر عليهم.