للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا﴾:

ولكن جمع الله بينكم على غير ميعاد، ليبرز أَمرا كان لا بد من وقوعه طبقا لعلم الله تعالى وقضائه، وهو نصر أَوليائه، وإِعزاز دينه.

قال الزمخشرى: فإِن قلت - ما فائدة هذا التوقيت وذكر مراكز الفريقين: وأَن العير كانت أَسفل منهم - قلت - الفائدة فيه: الإِخبار عن الحال الدالة على قوة شأْن العدو وشوكته وتكامل عدته وتمهيد أَسباب الغلبة له وضعف شأْن المسلمين والْتبَاس أَمرهم (١) وأَن غلبتهم في مثل هذه الحال ليست إِلا صنعا من الله سبحانه ودليلا على أَن ذلك أَمر لم يتيسر إلا بحوله وقوته وباهر قدرته.

وذلك أَن العدوة القصوى التي أَناخ بها المشركون. كان فيها الماء. وكانت أَرضا لا بأْس بها للحرب. ولا ماءَ بالعدوة الدنيا وهي رملية سبخة تسوخ فيها الأَرجل ولا يمشي فيها أَحد إِلا بتعب ومشقة وكانت العير وراءَ ظهور العدو مع كثرة عددهم، فكانت الحماية دونها (٢) تضاعف حميتهم، وتشحذ في المقاتلة عنها ثباتهم.

وفي ذلك تصوير ما دبر الله سبحانه من أَمر وقعة بدر، ليقضى الله أَمرا كان مفعولا من إِعزاز دينه، وإِعلاء كلمته، حين وعد المسلمين إِحدى الطائفتين مبهمة غير مبينة، حتى خرجوا ليأْخذوا العير راغبين في الخروج وشخص (٣) بقريش مرعوبين مما بلغهم، من تعرض رسول الله لأَموالهم، حتى نفروا ليمنعوا عيرهم، فأَناخ المسلمون بالعدوة الدنيا وأَناخ المشركون بالعدوة القصوى ووراءَهم العير. يحامون عليها حتى قامت الحرب على ساق وكان ما كان. اهـ من الكشاف باختصار.


(١) التباس الأمر اختلاطه والتفافه عل صاحبه، ويطلق الالتباس أيضًا على الضعف.
(٢) أَي الدفاع عنها.
(٣) أَي أَتى الله بهم إلى المعركة بأشخاصهم.