للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإِنما فعل الله ذلك:

٤٢ - ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾:

أَي فعل الله لقاءَكم من غير ميعاد، ليموت من يموت عن بيِّنة وعبرة شاهدها، وحجة قامت عليه بأَن الله ينصر أَولياءَه على أَعدائهم، وليعيش من يعيش عن بينة كذلك.

وقال محمَّد بن إِسحاق في معنى الآية: ليصدر كُفر من كَفر وإِيمان، من آمن عن وضوح وبينة، فقد فسر ابن إسحاق الهلاك بالكفر، والحياة بالإِيمان، إِذ الكفر طريق الهلاك، والإِيمان طريق الحياة الأَبدية. فإِن واقعة بدر من الآيات البينات التي من كفر بعدها كان مكابرًا للحق، ظالمًا لنفسه وهالكا، ومن أسلم فقد أَسلم عن يقين وعلم بأَن الإِسلام دين الحق الذي يجب التمسك به، للتأْييد الواضح له من الله - تعالى - في هذه الغزوة فأَحيا بهذا الإِسلام نفسه ﴿وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾: أَي وإِن الله لعظيم السمع لكل مسموع، محيط علمه بكل معلوم، ومن ذلك كفر الكافرين، وإِيمان المؤمنين، فيجزى كلا حسب حاله.

٤٣ - ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ في مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ في الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾:

واذكر لهم يا محمَّد عظيم صنع الله وبالغ علمه بمصالح من اتبعك من المسلمين، وقت أَن أَراك الله المشركين في منامك قليلًا، فأَدركت بذلك قلَّة شأْنهم عند الله، لتخبر بذلك أَصحابك تَثْبِيتًا لهم، وتشجيعًا على عدوهم. ولو أَراكهم كثيرًا كواقع أَمرهم لفشل أَصحابك وهابوهم وجَبُنوا عن لقائهم، وتنازعوا في الرأْى وتفرقت كلمتهم فيما عساهم أن يصنعوهُ مع عدوهم.

﴿وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ﴾:

أَي سلَّمكم من القتل والتنازع وعصمكم من الاختلاف، وأَنعم عليكم بما أَراه لنبيه ليخبركم به.