أَي امتثلوا ما أُمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه، ولا تكونوا كأَعدائكم المشركين الذين خرجوا يوم بدر لنصرة العير ومعهم القيان والمغنيات، فأَتاهم رسول أَبي سفيان وهم بالجحفة أَن ارجعوا فقد سَلِمَتْ عِيرُكم. فأَبى أَبو جهل وقال:"والله لا نرجع عن قتال محمَّد حتى نَرِدَ بَدْرًا، فنشرب فيها الخمر، وتعزف علينا القيان، وننحر الجُزُرَ ونطعم بها من حضرنا من العرب" فذلك بطرهم ورئاؤهم الناس بإِطعامهم. قال الزمخشرى: فوافوها فسُقُوا كؤوس المنايا مكان الخمر، وناحت عليهم النوائح مكان القيان. فنهاهم الله أَن يكونوا مثلهم بطرين طربين مرائين الناس بأَعمالهم، وأَمرهم أَن يكونوا من أَهل التقوى مخلصين أَعمالهم لله.
ثم ختمت الآية الكريمة بقوله:
﴿وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾:
أَي والله - وحده - محيط علمًا بجميع ما يعمله هؤلاءِ المشركون، من البطر والمراءَاة والصدِّ عن سبيل الله، والمكر والتدبير لإِحباط دعوة الرسول فيجازيهم عليه، وقد جازاهم في الدنيا بالقتل والأَسر وأَخذهم أَخذًا شديدًا بالهزيمة يوم بدر ولهم في الآخرة عذاب أليم لا نهاية له.
وقد أَتبع الله تعالى هذه الآية، بيان ما أَصاب المشركين من الهزيمة، بعد تزيين الشيطان لهم بالنصر، واغترارهم بذلك فقال:
أَي واذكر لهم يا محمَّد وقت أَن حسن الشيطان للمشركين أَعمالهم في معاداة الرسول، وبلغ به التزيين أَن قال: لا غالب لكم اليوم من المؤمنين وإنى معين لكم وناصر.